توطئة
هذا الكتاب الذي يبحث القداسة بمفهومها الكتابي والعملي هو من نتاج جيري ابردجز، نائب رئيس الشؤون العامة في حركة "الملاحون"، وقد عمل سابقاً مع هذه المؤسسة المباركة في حقل الخدمة في ميسوري،كولورادو، وفي هولندا، قبل أن يتولى مسؤولية إدارة شؤونها القضائية والمالية.
والحق أنه كتاب فريد لا نكاد نجد له مثيلاً سواء من حيث وضوح الفكرة وجاذبية الأسلوب، أو من حيث حث الضمير وتنشيطه على نشدان القداسة العملية. والرب، بالطبع، هو الذي أمد خادمه بالقوة لأن يعد كتاباً سيكون له بالغ الأثر في حياة العديدين الذين يقرأونه.
يسيطر على هذه الدراسة، المؤثرة في صميم الكيان، غرض واحد وهو حث المؤمنين المسيحيين على مضاعفة السعي في أثر حياة القداسة. غرض لا يمكن أن يتحقق إلا بقوة الله فقط، فيما تستحوذ قداسته السامية على الفكر والقلب مقترنة بروح الشكر وعرفان الجميل. وإن كلمة "السعي" هي الكلمة المفتاح التي ترد مراراً وتنم عن اختبار الكاتب في مساعيه الحثيثة للسير في نهج القداسة.
في بيان "الاستقلال" أعلن توماس جفرسون أن حقاً من حقوق الإنسان، متأصلاً وغير قابل للتحويل، هو حق "نشدان السعادة". وعلى كل مسيحي مؤمن أن يعي هذه الحقيقة: أن جُلّ ما يبتغيه الله منّا هو السعي الدءوب لتحقيق حياة القداسة كانعكاس لقدسيته تعالى: "كونوا قديسين لأني أنا قدوس".
منذ مئة عام تقريباً حضّ وليم بلايك قُرّاءَه "على نبذ القداسة، وأخذ العقل". ولكن العقل بمعزل عن القداسة التي يطلبها الله أشبه بسفينة دون ربّان، محكوم عليها بالهلاك. ففي نشدان القداسة ينبغي أن نرفع من القلب دوماً هذه الصلاة :
خذ عقلي مني هبة أبذلها في خدمتك
مستخدماً مواهبي كما ترى بحكمتك.
لذلك يسعدني أن أناشد القرّاء بكل حرارة الإقبال على مطالعة هذا الكتاب الآسر بما يكشفه من حقائق القداسة العملية، حيث يوضح المؤلف أن نواحي الحياة بجملتها يجب أن تتخللها القداسة التي لا تأتي إلا من لدن الله الكلي القداسة.
الدكتور هيربرت لوكيور
- عدد الزيارات: 1585