التحزب
والصورة الثانية للأنانية هي أنانية التحزب (ع49و 50). نقرأ أن يوحنا أجاب وقال "يا معلم، رأينا واحداً يُخرج الأرواح الشريرة باسمك فمنعناه لأنه ليس يتبع معنا" ويبدو لنا في الظاهر أن يوحنا لا يفكر في نفسه شخصياً، بل في الجماعة "نحن". ويا لها من صورة مخادعة جداً للذات أكثر من الأولى، إذ لها مظهر أنها تتجاهل الذات لخير الجماعة التي ترتبط بها. وفي الحقيقة فإنها تعني بصفة عامة الرغبة في تمجيد الجماعة لتجعل من الذات شيئاً. وهذه في الحقيقة هي أنانية التحزب. إن يوحنا والذين معه منعوا ذلك الإنسان الذي كان يطرد الأرواح الشريرة، ليس لأن ما يفعله كان عملاً خاطئاً بل لأنه لم يتبعهم. إن ما كان يفعله هذا الإنسان كان لمجد المسيح حقاً ولبركة الإنسان ولكنها لم تتم بالارتباط بجماعتنا أو بـ (نحن)، ولهذا لم يضيف شيئاً لنا (نحن). ولهذا ففي عيني يوحنا كان يجب أن يدان. وبحسب تفكير يوحنا وما قاله فقد كان أمامه التلاميذ وأهميتهم أكثر من المسيح وكرامته. أما إجابة الرب الرقيقة والعطوفة فاستخدمت كلمات يوحنا ولكنه وبخ فكره "لا تمنعوه، لأن من ليس علينا (أو ضدنا) فهو لنا (أو لحسابنا[1])". إن الرب لم يقل أن هذا الإنسان كان "معنا". والتلاميذ كانوا بحق "مع المسيح" و "لأجل المسيح". وكان هذا الإنسان "لأجل المسيح". وبهذا المعنى يقال أنه كان "لأجل التلاميذ". فكل من التلاميذ وهذا الإنسان كانوا "للمسيح" أو يعملون لحسابه. إنه شيء مبارك أن نكون مثل التلاميذ مع المسيح في مكان التعيير. ولكن لنحذر لئلا نستخف بالذين هم "للمسيح"، الذين بسبب روابطهم لا يسيرون معه.
[1]-في البيروتيه "من ليس علينا فهو معنا"، والصحيح أنها "من ليس علينا فهو لنا". إنها for us وليست with us.
- عدد الزيارات: 4098