Skip to main content

النصيب اليومي

إن المكان الذي تسعد فيه النفس بزيارتها هو الجبل بما فيه من تذوق مسبّق للأمجاد الآتية، ومع ذلك فالوادي بكل أحزانه هو نصيبنا اليومي ونحن نعبر هذا العالم. وإن كان علينا أن نترك الجبل ونواجه الوادي، فإننا لم نُدع لكي نترك رفقة يسوع، إذ نقرأ "ولما كان الصوت وُجد يسوع وحده". فعندما بدأ منظر المجد يذوي، والسحابة ترتفع، والصوت يبطل، وُجد يسوع منفرداً مع تلاميذه.

فإن كان يسوع قد أخذ تلاميذه معه إلى الجبل، فإن التلاميذ سيكون معهم يسوع في الوادي. إنهم سيواجهون الوادي ويحتفظون في قلوبهم بسر الجبل- ذلك السر الذي لم يبوحوا به في تلك الأيام، إذ لم يبوحوا به في تلك الأيام، إذ لم يخبروا أحداً بشيء مما أبصروه. فالأمجاد التي تطلّعوا إليها، والمكان الذي دخلوه، والصوت الذي سمعوه، قد تجاوز قدرات الطبيعة البشرية ورغباتها المحدودة. وعلى كل حال فقد أتى اليوم الذي لم يستطع فيه بطرس أن يظل محتفظاً بهذه الأمور، ولكنه يكشف لأولئك الذين نالوا إيماناً ثميناً مساوياً، عن عظمة الرب، وعن مجده الأسنى (الفائق)، وعن صوت الآب. وما يعلنه بطرس يرينا أيضاً الانطباع الباقي في نفوس التلاميذ من جرّاء زيارتهم للجبل. ومع أن يسوع المتضع الذي تبعوه هو ذاك الذي رأوه بالقوة وبالمجد، وعلى الرغم من أن طريق سياحتهم كان مظلماً في بعض الأوقات، ولكنه كان مضيئاً بنور المجد الذي يقودهم. وهكذا لأنفسنا أيضاً كم سيصبح الأمر مختلفاً لو أننا رأينا الملك في بهائه، ثم نتخذ سياحتنا الممزوجة بأحزان الوادي في نور مسيح الجبل.

ولهذا نجد التلاميذ ونحن أيضاً نُعَدّ لمواجهة الوادي بكل أحزانه. وعندما نزلوا من التل العالي يستقبله "جمع كثير"، وطفل كان ممسوكاً بقوة الروح الشرير، وتلاميذ غير مؤمنين (ع37-41). كانوا يواجهون عالماً محتاجاً، وقوة الروح الشرير، والجسد في عدم إيمانه.

إن أحزان الوادي هذه تجد تعبيراتها في حالة ذلك الرجل البائس الذي يطلب من الرب أن يتطلع إلى ابنه الوحيد. وكان قلب الآب ينفطر حزناً عندما يرى جسد ابنه يمزقه الروح الشرير، وكذلك الجمع الذي لا يبالي، وتلاميذ الرب غير قادرين على تقديم معونة! أليست هذه صورة للعالم الذي نعيش فيه! إنه يحيط بنا عالم معتاز ولكنه عنيد، والشرير ضدنا، والجسد بداخلنا. ومع ذلك فنحن مثل التلاميذ إذ لنا الرب في كل نعمته معنا، والرب في كل مجده الآتي أمامنا، وكأنه يقول لنا: (لقد أريتكم على الجبل المجد الذي أحضرته إليكم، وسأريكم الآن في الوادي النعمة التي تحفظكم في كل خطوة من خطوات البرية، السائرين فيها إلى المجد).

  • عدد الزيارات: 3184