السحابة
وفي النهاية ففي هذا المشهد العظيم نُحمل إلى المجد الذي يفوق مجد الملكوت- ونحن نُقتاد إلى المجد الذي يفوق مجد الملكوت- ونحن نُقتاد إلى بيت الآب. "وكانت سحابة فظللتهم". لقد أحاطت بهم السحابة وغطتهم. وهؤلاء التلاميذ اليهود يفهمون جيداً معنى السحابة والتي تخبرهم عن مجد الشكينة في القديم التي كانت تملأ مسكن الله وتتكلم عن حضرة الله. وفي أيام رحلة البرية كانت السحابة فوق إسرائيل ولكنهم لم يدخلوا السحابة. وهنا على الجبل على أساس موت المسيح الذي كان عتيداً أن يكمله، وفي رفقة المسيح الممجد فقد دخل التلاميذ إلى بيت الآب. وفي بيت الآب سمعوا صوت الآب، وصوت الآب يعلن قلب الآب. إنهم قد سمعوا قول الآب "هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا". وكما قال واحد (لم يقل الآب هذا هو الابن الذي يجب أن تتعبدوا له وتتعجبوا، ولكنه يخبرنا بأفكاره عنه). "هذا هو ابني الحبيب". إنه لا يُذكرنا بأن المسيح هو محبوبنا فقط، كما استطاعت العروس أن تقول في النشيد "حبيبي لي وأنا له لكننا نسمع الآب يقول "هذا هو ابني الحبيب". إنه محبوب حقاً بسبب تفوقه الحقيقي. ولكنه "الحبيب" أيضاً بسبب موته الذي كان سيكمله. "لهذا يحبني الآب لأني أضع نفسي لآخذها أيضاً". لقد تعلّمنا أن قلب الابن مشغول وممتلك بطاعة المحبة للآب التي تقوده إلى الموت. ونتعلّم الآن قلب الآب مسرور بالابن. ومن امتيازاتنا هنا أن تكون لنا شركة مع الابن في أفكاره عن طاعته الكاملة لإرادة أبيه، ولنا شركة مع الآب في سروره بابنه.
ويا له من نصيب ومشهد انفتح للمؤمن بموت المسيح الذي كان لابد أن يتممه في أورشليم، ومجد المسيح الذي كان يتبعه، وهو الذي أعطانا أن ندخل إلى بيت الآب ونسمع صوت الآب وينفتح لنا قلب الآب.
ومرة أخرى نقول يا له من مشهد يُحضرنا لكي نتلامس مع "ما لم تره عين، وما لم تسمع به أذن، وما لم يخطر على قلب بشر، ما أعده الله للذين يحبونه"! إنه بالحق تذوق مسبّق للسرور الذي سيدخل إليه الإنسان بالاعتماد على الله، في مشهد المجد، مع المسيح ومثل المسيح لنكون هناك في بيته مع المسيح، حيث يتكلم عن كل ما في قلبه، ونتعلّم أسرار قلب الآب.
إن قياس ما نتذوقه هنا قليل لمشهد البركة. ومثل التلاميذ فإن أثقال الأرض تُمسك بنا، وضعفات الجسد تعوقنا حتى أننا نرى القليل في قلب هذه الأسرار السماوية. ولتعزيتنا نقرأ "فلما استيقظوا رأوا مجده". أليس هذا يتوافق معنا بحق، إذ يقول الرسول "استيقظ أيها النائم.. فيضيء لك المسيح". وبنوره ترى نوراً، وسنرى الأمجاد الآتية، وسنتطلع إلى ما وراء الظلال في الوادي ونرى نور الشمس على التلال، ولكن فوق كل ذلك سنرى "الملك في بهائه"، إنه "مُعلم بين ربوة" و"كله مشتهيات".
- عدد الزيارات: 3731