شركاء مع المسيح
عندما نتتبع الرب في طريقه الكامل، كما جاء في لوقا9، فإن الروح القدس يقودنا إلى مشهدين فائقين للذة. فالمشهد الأول ينكشف لنا في جبل التجلي، والمشهد الآخر يُعلن لنا في سهول الجليل. وعلى الجبل نجد أنفسنا في شركة مع المسيح وسط الأمور السماوية، لنتعلم أسرار قلب الآب. أما في السهل فنجد المسيح معنا ويرافقنا في محضر نعمته وعواطف قلبه.
ولخير نفوسنا وازدهارها نفعل حسناً أن نتوقف عند كل من المشهدين. والجبل لابد أن سبق السهل. ويلزم لقلوبنا أن تتيقن من نصيبها في أمجاد الجبل قبلما نواجه أحزان الوادي.
دعونا إلى حين أن نضع الإنسان جانباً وعالمه الصغير، ونصعد إلى الجبل، ولنَسع بالروح أن نتنسم جو الجبل المقدس ونمتع نفوسنا بأمجاده المتنوعة.
وتوضيح مشهد الجبل لم يُترك لتقديرنا الروحي وفطنتنا، ولكن لنا رواية الوحي من شخص كان معايناً للحادثة. وهو يشير للوقت الذي كان فيه برفقة آخرين مع المسيح "على الجبل المقدس"، إذ أمكن لبطرس أن يقول "لأننا لم نتبع خرافات مصنّعة، إذ عرفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح ومجيئه، بل قد كنا معاينين عظمته. لأنه أخذ من الله الآب كرامة ومجداً، إذ أقبل عليه صوت كهذا من المجد الأسنى، أنت ابني الحبيب الذي أنا سررت به" (2بط1: 16-18). ولهذا فإن بطرس يخبرنا بوضوح أن الجبل المقدس يعطينا تذوقاً مسبقاً للأمجاد وللأفراح التي سنشارك فيها عند مجيء الرب وحضوره. لقد غاب عنا طويلاً ولكنه في النهاية سيأتي وسنكون نحن في حضرته، وسنبصر عظمته. وكما رأيناه مكللاً بالعار والازدراء من الإنسان، فإننا سنراه أيضاً بسرور عظيم محاطاً بالكرامة والمجد التي نالهما من عند الآب. ونحن سنواكب المسيح ونرافقه إلى حضرة الآب، وسنسمع صوت الآب يخبرنا عن سروره بابنه الوحيد.
إن الجبل المقدس يعطينا تذوقاً مسبقاً لهذه الأمجاد الآتية. ونحن هنا نشارك في دسم بيت الله، ونشرب من نهر مسراته.
- عدد الزيارات: 3374