مقدمة
ما أكثر التجارب التي نتعرض لها نحن المؤمنين. وما أكثر الجهات والظروف التي نتعرض فيها لهذه التجارب. فإذا هجرنا المدينة حيث تنتشر الخطيئة، وذهبا إلى القرية، صادفتنا هناك كذلك. وإذا هجرنا القرية وذهبنا إلى الجبل، وجدناها تنتظرنا فيه. وإذا اعتكفنا في بيوتنا، أو انصرفنا إلى أعمالنا، أو حتى إذا اتجهنا بالصلاة إلى الهنا، وجدناها تتحايل على الوصول إلينا وتوجيه أنظارنا إليها بطرق كثيرة.
ويرجع السبب في ذلك، إلى أن الميل نحو الخطيئة لا ينشأ فقط من عوامل خارجية، بل وأيضاً من عوامل داخلية، كامنة في طبيعتنا البشرية. وهذه الطبيعة، إن استطعنا تهذيبها وتثقيفها بكافة الوسائل، لا يتيسر لنا تغييرها بمجهودنا الذاتي. فهي من هذه الناحية مثل طبائع الكائنات عامة. فالحيوانات المفترسة – مثلاً – إن اختفت شراستها تحت تأثير الترويض لفترة ما، غير أنها تظل كما هي. والدليل على ذلك أنها تنقض أحياناً على مروضيها أنفسهم، وتفتك بهم فتكاً ذريعاً، كما حدث أكثر من مرة أثناء ألعاب "السيرك" المعروفة لدينا.
ومع كل لا يليق بنا أن نيأس من النصرة على التجارب، لأن الله أعلن لنا في كتابه سبيل النجاة منها. ونظراً لأهمية هذا السبيل، نرجو أن يضعه القراء نصب أعينهم في كل حين، حتى يلجؤوا إليه بكل سرعة عندما يتعرضون للتجربة، وذلك لأجل مجده تعالى وخير نفوسهم العزيزة.
المؤلف
- عدد الزيارات: 2738