الاتجاهات النفسية
"بالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم.فلم تشاءوا " (إش 30: 15)
"لان فرح الرب هو قوتكم " (نحميا 8: 10)
" واما منتظروا الرب فيجددون قوة" (إش 40 : 31)
نأتي الآن إلى فرع أخر من المشاكل الصحية لا يحدث بسبب التغذية، كنقص التغذية ولا يحدث بسبب الجراثيم كالأمراض الناجمة عن عدم إتباع القواعد الصحية السليمة كالنظافة، ولكن يحدث بسبب حالة الشخص النفسية.
قد يكون لها تأثير خطير على صحة الإنسان. لنأخذ مثلاً الحالة المعروفة والشائعة وهي الاكتئاب النفسي التي قد تقود الشخص إلى إهمال التغذية وعدم العناية بالنواحي الصحية. وهما هذه المرة ليسا السبب في المرض ولكنهما نتجا عنه. وحالة أخرى شائعة أيضاً، وهي القلق النفسي، التي تتسبب في سوء الهضم وكذلك فقدان الشهية بشدة قد تصل إلى درجة خطيرة. هنا يصبح نقص التغذية ناتجاً عن القلق، وبالتالي تُصبح كل نتائج نقص التغذية من مضاعفات القلق. هناك حالة اسمها العلمي "أنوريكسيا نرفوزا Anorexia Nervosa" أي فقدان الشهية العصبي الذي قد يكون له نتائج خطيرة بل في بعض الأحيان، مُميته!.
ومن الناحية الروحية ... يمكننا أن نؤكد أن حالتنا النفسية تؤثر على الحالة الروحية. كما أن لها تأثيراً كبيراً على أفراحنا وخدمتنا. ولا أنوي أن أخوض في هذا الموضوع بإسهاب، نظراً لأن كتباً كثيرة كتبها رجال أمناء أكثر تخصصاً مني في هذا الموضوع.
قد يظن البعض أن الاكتئاب والقلق هما من الحالات التي لم تكن موجودة في القديم، وأنهما مرضان حديثان ظهرا في أيامنا هذه فقط. وهذا طبعاً ليس صحيحاً على الإطلاق، ولو أنه قد زادت نسبتهما في هذه الأيام.
بعض العظماء من رجال الله قد قاسوا من مثل هذه الحالات، خُذ مثلاً رجل الله الشجاع .. إيليا النبي الذي واجه يوماً الملك آخاب بدون خوف مُخبراً إياه بعقاب الله له بمنع المطر عن البلاد، بل أنه واجه مئات من الأنبياء الكذبة مع نفس هذا الملك وأظهر شجاعة فائقة. نفس إيليا هذا نراه بعد ذلك مباشرة يقاسي من الاكتئاب لدرجة أنه تمنى أن يموت إذ امتلأ قلبه بالخوف من إيزابل وكان الرد الإلهي على مشكلته "أذهب ... قف ... أمام الرب" لقد كان سبب خوفه أنه نظر إلى إيزابل. وسر نصرته كان في الوقوف أمام الرب (إقرأ 1مل 17: 1، 18 : 22 -40، 19: 4 – 11).
وانظر أيضاً إلى داود الذي قتل أسداً ودُباً .... بل أنه قتل جليات الجبار (1صم 17: 33 – 37). وهو كاتب مزمور 27 حيث يقول "الرب نوري وخلاصي مم أخاف؟ .. إن نزل عليٌ جيش لا يخاف قلبي ... إن قامت عليٌ حرب ففي ذلك أنا مطمئن" (مز 27: 1 – 3)، ومع ذلك أصابه لخوف والقلق بل والرعب .. حيث يقول الكتاب " وقام داود وهرب في ذلك اليوم من أمام شاول وجاء أخيش ملك جت ... وخاف جداً من أخيش ملك جت" (1صم 21 : 1 -12). والعجيب أن ما خاف منه داود لم يحدث على الإطلاق، لأنه لم يمت بيد شاول، بل عاش بعد موت شاول ما يقرب من أربعين عاماً. فالذي مات هو شاول وليس داود، وأصبح داود ملكاً مكان شاول. وفي الواقع أن هذا هو الحال عادة في كثير من المخاوف التي تسبب لنا الاكتئاب أو القلق. ثم لنلاحظ أيضاً أن الخطة التي نفذها داود لم تنجح لأنه عندما ذهب إلى الفلسطنيين لم يستقبلوه بالترحاب الذي كان يتوقعه، فاضطر للتظاهر بالجنون ... ياله من أمر مُخجل ومُحزن لشخص مُسح من الرب ليملك! ولكن داود عند عودته كتب مزمور 34 بعد أن عرف الحل الصحيح لمشكلته " .. طلبت إلى الرب فاستجاب لي ... ومن مخاوفي أنقذني. نظروا إليه واستناروا ووجوههم لم تخجل". وهكذا نرى أن داود عندما نظر إلى نفسه وظروفه، أصبح قلقاً ومرتعباً. وكذلك عندما اتجه إلى الفلسطنيين لمساعدته أصابه الفشل والخزي والخجل، ولكن عندما طلب الرب استجاب له وانقذه من كل مخاوفه واستنار ووجهه لم يخجل!.
ومثل ثالث .. كاتب مزمور 42، تأمل ماذا قال لنفسه " ... لماذا أنت منحنية يا نفسي ولماذا تئنين فيٌ" – أي اكتئاب وقلق، الاثنان معاً عادة ... بل إن حدوثهما معاً أكثر من حدوث أيهما منفرداً! ما هو الحل الذي وجده المرنم لمشكلته؟ الإجابة تأتي بعدها فوراً "ترجي الله" لذلك نرى أن سبب الاكتئاب والقلق هو النظر للظروف، والعلاج هو في النظر إلى الرب.
في العهد الجديد يعطينا الروح القدس الدواء الشافي للقلق والاكتئاب في أعداد جميلة وجهها بولس إلى المؤمنين في فليبي ( ص 4 : 4 – 7) "فرحوا في الرب كل حين واقول ايضا افرحوا. ليكن حلمكم معروفا عند جميع الناس.الرب قريب. لا تهتموا (لا تقلقوا) بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله. وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع". لا يمكن لأي إنسان أن يكتب كلمات في جمال وحكمة مثل هذه الأعداد القليلة! والرسول بولس يتناول مشكلة الاكتئاب بقوله " فرحوا في الرب كل حين " فلا يمكن لشخص يفرح كل حين أن يقاسي في الوقت نفسه من الاكتئاب! ولا يمكن لشخص أن يفرح كل حين إلا إذا كان يفرح في الرب. وهناك دلاله خاصة للمؤمنين في فيلبي في قول الرسول " .. وأقول أيضاً افرحوا" فإلى جانب أنها تأكيد للفرح، فهي تعني بالنسبة لهم شيئاً آخر أيضاً. فنحن نذكر أن الرسول بولس عندما زار فيلبي مع سيلا، فإنهما ضُربا وطُرحا في السجن.
فماذا فعلا في السجن؟ إنهما لم يندبا حظهما العاثر، بل كانا في نصف الليل يصليان ويسبحان الله (أع 16: 23 – 25)، لقد كانا فرحين في الرب وعالمين أنه هو المسيطر على كل الأمور. ولهذا فكأن الرسول بولس يقول هنا: صدقوني أنا أعني تماماً ما أقوله. وأنتم تستطيعون أن تفرحوا دائماً في الرب. وأقول أيضا أفرحوا.
ثم يتناول مشكلة القلق ... " لا تهتموا بشيء" أي لا ترتبكوا لأي شيء ولا تكونوا ضحايا للقلق. ولكن كيف يكون هذا؟ والإجابة: إن هذه الآية تأتي مباشرة بعد حقيقة حيوية جداً: "الرب قريب" (ع5): أي أنك لست وحدك. فالرب بجوارك تماماً. وكل ما يلزمك هو أن تتجه إليه " في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله" والدعاء يعني أن تطلب منه بلجاجة وبشعور الاحتياج والتوسل وليس بالصلاة الباردة والكلمات الجافة الروتينية.
وعبارة "مع الشكر" تعني الثقة الكاملة في رغبته وقدرته على المساعدة. لنفرض مثلاً أنني طلبت منك أن تُلقي خطاباً في صندوق البريد في طريق عودتك إلى المنزل. فإذا كنت واثقاً فيك فإنني سأطلب منك هذا وأشكرك في نفس الوقت. وكذلك عندما نطلب من إلهنا وأبينا، يجب أن نكون واثقين أنه سيعتني بأمر مشكلتنا التي تقلقنا، ولذلك علينا أن نشكره في نفس اللحظة. ومع أنه قد لا يستجيب بنفس الطريقة التي نريدها ولكنه على كل حال سيعمل ما هو لفائدتنا أكثر، وسوف نكتشف " أنه عمل كل شيء حسناً" (مر 7 : 37)، وأنه "القادر أن يفعل فوق كل شيء أكثر جداً مما نطلب أو نفتكر" (أف 3 : 20). وبذلك سنعلم المزيد عن الإعلان المجيد " أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله" (رو 8 : 28) وهكذا نرى أن:
علاج الاكتئاب
هو
الفرح في الرب
وعلاج القلق
هو
الثقة في الرب
وبهذا الفرح في الرب والثقة في الرب يمكننا أن نبدل قلقنا واكتئابنا بهذا الأمر المجيد: سلام الله الذي يفوق كل عقل. هذا السلام سوف يحفظ (أي يحمي) قلوبنا وأفكارنا.
ثم يسترسل الروح القدس فيُخبرنا في فيلبي 4 : 8، 8 عن صفات الأشياء التي يجب أن نفتكر فيها " كل ما هو حق، كل ما هو جليل، كل ما هو عادل، كل ما هو طاهر، كل ما هو مُسر، كل ما صيته حسن" وبذلك يأتي الوعد "وإله السلام يكون معكم"
أولاً سلام الله، والآن إله السلام نفسه!
هل يوجد شيء أروع من هذا؟ في الواقع ليس هناك شيء يمكننا أن تطلبه أكثر من هذا.
عند هذه النقطة يصبح واجباً أن نوضح الحقيقة التالية: وهي أن كل مؤمن له سلام مع الله. ولكن ليس كل مؤمن متمتعاً بسلام الله. فالسلام مع الله يعني أن المؤمن قد ارتبط بالله ولن يأتي إلى دينونة. ولكن سلام الله يتمتع به هؤلاء الذين يصنعون مشيئته ويلقون كل همهم عليه:
هذا سلام لي شراه رب الفدى بالصلب
كالنهر يجري في صفاه يروي ظماء القلب
هذا ما يُعبر عنه بالسلام مع الله
أما ما يُعبر عنه بسلام الله فنجده في عدد الترنيمة التالي:
إن تلطم حولي النائبات كالموج وسط البحر
يدم سلامي في ثبات أساسه في الصخر
بعدا أن تكلمنا عن هاتين الحالتين الضارتين، وهما الاكتئاب والقلق، لأنهما أكثر شيوعاً وخاصة في هذه الأيام، أود أن أذكر موقفاً أخر كان سبباً في شقاء كثير من المؤمنين كأفراد وجماعات، وهو موقف عدم التسامح. فالأخ الذي لا يغفر يعيش تعيساً ويصبح سبب تعاسة للآخرين أيضاً.
ثم يسجل الكاتب بعض أعداد من ترنيمات كتبها قديسون أفاضل، وهو يجتازون في وسط تجارب نارية. وذلك لتشجيع المؤمنين الذي يجتازون في ضيقات متنوعة.
آجالنا وأيامنا في يديك ونحن نريدها هكذا يا أبانا
حياتنا وأرواحنا وكل ما لنا هي موضوع رعايتك واهتمامك
أجالنا وأيامنا في يديك فلماذا نرتاب أو نخاف؟
يداك يا أبانا لن تدعنا قط نُجرب بلا لزوم ولا فوق الاحتمال
ما أطيب الرب الذي نعبده ذلك الحبيب الأمين غير المتغير
حبه عظيم كذلك قدرته وليس لهما قياس أو قرار
إنه يسوع الأول والآخر الذي يهدينا بروحه إلى دار الأمان
لذا فإننا نشكره على كل ما فات كما نثق فيه بالنسبة لما هو آت
بعض الوصفات
(الروشتات)
للصحة النفسية
"افرحوا في الرب كل حين" (في 4: 4)
" ملقين كل همكم عليه لأنه هو يعتني بكم" (1بط 5 : 7)
"لا تخف أيها القطيع الصغير" (لو 12 : 32)
"تشجعوا أنا هو لا تخافوا" (متى 14 : 27)
"لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها" (مت 6 : 32)
" لا تخف شراً لأنك أنت معي" (مز 23: 4)
صوت الرب ناداني لا تخف يابني لأني معك
أعلمك وأرشدك لكي تتمتع بسلامي دائما
كان من الصعب عليٌ أن ألقي كل همي ولم أجرؤ على ترك كل همومي
فصرت في يأس عميق وكدت أسقط في شباك إبليس
ثم سمعت صوت الحبيب يناديني تعال يا بُني .. يا ابني العزيز
لا تبعد .. اقترب مني جداً ثق فيٌ والق عليٌ كل همك
انظر يدي ورجلي ... هذا من أجلك وقلبي ينبض بالحب لك
سأغمر قلبك بالأفراح وفرحك سيكون كاملاً فيٌ
دمه المجيد فاض في قلبي فهتفت فرحاً .. أنت ربي
خذني إلى حيث تشاء للحياة السعيدة ... ثم إلى السماء
أ. ب. م
روشتات أخرى
"وكونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شفوقين متسامحين كما سامحكم الله ايضا في المسيح" (أف 4: 32)
"واسلكوا في المحبة كما احبنا المسيح ايضا واسلم نفسه لاجلنا قربانا وذبيحة للّه رائحة طيبة " (أف 5: 2)
"وتسربلوا بالتواضع لان الله يقاوم المستكبرين واما المتواضعون فيعطيهم نعمة " (1بط 5: 5)
"وتعلموا مني.لاني وديع ومتواضع القلب.فتجدوا راحة لنفوسكم " (مت 11: 29)
وإذا أردت روشتات أخرى، فأذهب إلى المستودع الرئيسي ... كلمة الله ... الكميات فيه بلا حدود .. وتُصرف فوراً ومجاناً ... ويمكنك أن تأخذ ما شئت منها
" واما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول اناة لطف صلاح ايمان وداعة تعفف " (غلا 5 : 22، 23)
- عدد الزيارات: 5052