Skip to main content

الرياضة

"ولنحاضر (نركض) بالصبر في الجهاد الموضوع امامنا " (عب 12 : 1)

"كنتم تسعون (تركضون) حسنا.فمن صدكم حتى لا تطاوعوا للحق " (غلا 5 : 7)

خلال السنوات القليلة الماضية كثُر الكلام عن أهمية اللياقة البدينة

الاختراعات الحديثة قد حرمت الإنسان من ممارسة النشاط البدني (ويبدو أنها كذلك حرمت الكثيرين من النشاط الروحي أيضاً). فالراحة في غرفة معيشة بها العديد من كماليات الاختراعات الحديثة، أو حتى مجرد الجلوس في أُمسية هادئة بدون عمل شيء – يبدو أنه أصبح أكثر جاذبية لكثير من المؤمنين من افتقاد أخ مريض أو زيارة تبشيرية لأحد الجيران بل أكثر جاذبية من حضور اجتماعات الصلاة ودراسة الكلمة، ونتيجة لذلك افتقدنا الكثير من قوتنا الروحية وأصبحنا في حالة ارتخاء روحي.

في هذه الأيام شاعت كثيراً مقولة "إجر لحياتك Run for your life". بمعنى أنك إذا أردت أن تعيش أكثر، وفي حالة أفضل، عليك أن تمارس بعضاً من رياضة الجري أو المشي السريع (الهرولة). وأنا شخصياً لست متأكداً إن كان هذا الموضوع مبالغاً فيه أم لا .... ولكن الشيء المؤكد أن مجرد الجلوس وعدم الحركة لمدة طويلة ضار بالصحة، وقد يصيب أوردة الساق بالجلطة، نفس العضو الذي قصدنا أن نُريحه بالجلوس! لأننا حرمناه من الدورة الدموية السليمة.

ويبدو أن كنائس غلاطية كان عندها مشكلة من هذا النوع، والنتيجة أنهم أذعنوا لتعاليم خاطئة من أخوة كذبة، لذا فقد قال لهم بولس "كنتم تسعون (تركضون) حسنا.فمن صدكم حتى لا تطاوعوا للحق " (غلا 5 : 7)

ما الذي يصدنا، أو يعطلنا، عن السعي (الركض) في السباق (الجهاد)؟ نجد الإجابة على ذلك في التحريض الموجه إلى العبرانيين "لنطرح كل ثقل والخطية المُحيطة بنا بسهولة ولنحاضر (نركض) بالصبر في الجهاد الموضوع امامنا ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع .... " (عب 12 : 1)

من هذه الأقوال المباركة نجد أربعة أمور تساعدنا على السعي (الركض) في الجهاد جيداً:

1- لنطرح كل ثقل: كثيراً ما ينشغل المؤمنون في مشروعات لا لزوم لها وغير ضرورية. طبعاً علينا مسئوليات وواجبات لابد أن نؤديها. فمثلاً أنا عندي مرضى يجب أن أرعاهم وأعالجهم. ولكن كوني أصر على حضور جميع المؤتمرات الطبية وعلى المشاركة في كل الأعمال الخيرية، فلن يتبقى لي وقت للأمور الروحية. وربة البيت التي عليها أن ترعى زوجها وأطفالها ثم بعد ذلك تقضي الساعات في الاهتمام بالزهور أو في الذهاب إلى نوادي السيدات أو غيرها، سنجد أنه من الصعوبة إن لم يكون من المُحال عليها "أن تعكف على القراءة" (1تي 4 : 13)، هذه الاهتمامات في حد ذاتها ليست خطية ولكنها ستعوق سعينا. إذاً فعلينا أن نحدد الأولويات في حياتنا.

2- نطرح الخطية المحيطة بنا بسهولة: ربما الخطية المُشار إليها هنا هي خطية عدم الإيمان. لكن الخطية في أية صورة من الصور إذا لم نعترف بها، فهي حتماً ستعوقنا عن السعي. إن لها تأثيراً مخدراً، ولا يمكن أن نتوقع أن نسعى ونحن نصف نائمين.

3- ولنحاصر بالصبر: كل شخص رياضي يعلم أنه لا يمكن أن يصير بطلاً بين عشية وضحاها. لكن عليه أن يواظب على التدريب من الصبر وضبط النفس.

4- ناظرين إلى ..... يسوع : هنا يكمن سر النجاح، أنظر كم احتمل له المجد، من أجل السرور الموضوع أمامه.

هام جداً

حدد الأولويات

من المؤكد أن الرياضة البدنية يجب أن تبدأ في سن مبكرة. بينما من الناحية الروحية لا توجد سن متأخرة على خدمة الرب.

طبعا من الأفضل أن تبدأ في سن مبكرة، وقد أعلم إرميا هذه الحقيقة "جيد للرجل أن يحمل النير في صباه" (مراثي 3 : 27). والملك سليمان أحكم ملوك الأرض (الذي يرمز إلى ملك الملوك) يقول "أذكر خالقك في أيام شبابك". ثم يضيف بعد ذلك التطورات الجسمانية التي تحدث مع تقدم السن والتي تعوقنا عن الخدمة بالقوة التي نرجوها (اقرأ الجامعة 12: 1 – 6).

" أما منتظرو الرب فيجددون قوة. يرفعون أجنحة كالنسور. يركضون ولا يتعبون" (إشعياء 4 : 31)

المؤمن موجود على الأرض لكي يمثل المسيح "الذي جال يصنع خيراً" (أع 10 : 38). والرسول بولس الذي أعلن بكل وضوح بأننا مخلصون بالنعمة وليس بالأعمال ... ويضيف أن هذا الميلاد الجديد أي هذه الخليقة الجديدة في المسيح يسوع، هي "لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها" (أف 2: 8 -10). هو عين ما نراه في مثل السيد الذي يقول لعبيده "تاجروا (أي اعملوا) حتى آتي" (لو 19: 13).

ومع ذلك فالخدمة تحتاج إلى الراحة. هل تذكر عندما رجع التلاميذ من إرساليتهم كيف قال الرب لهم "تعالوا أنتم منفردين إلى موضع خلاء واستريحوا قليلاً" (مر 6: 30، 31). فالراحة ليست الكسل. الراحة بالمعنى الروحي هي الاختلاء بالرب في شركة خاصة.

جورج مولر – رجل الإيمان المعروف ومُنتسئ الملاجئ – كتب يوماً يقول "لقد سُر الرب أن يعلمني حقيقة هامة واظبت عليها لأكثر من الأربعة عشر عاماً الماضية ... وهي أول وأهم شيء أحرص عيه كل يوم هو أن أجعل نفسي فرحاً بالرب. فأول شيء أهتم به في يومي، ليس كم يجب أن أعمل للرب اليوم بل كم يجب أن أكون فرحاً في الرب وكيف أُتيح لإنساني الداخلي أن يتغذى بالرب".

أحد أوجه الخدمة هو الشهادة للرب. والشهادة تتضمن من بين ما تتضمن، تقديم إنجيل النعمة للآخرين. وكقاعدة عامة عندما يخلص إنسان فهو يريد أن ينال الآخرون أيضا هذه البركة، وهذا في حد ذاته يزيد من فرحة تعزياته.

قرأت عن شخص نال الخلاص في إحدى الفرص التبشيرية وبعد أسبوع قابل المبشر وأخبره أنه ليس سعيداً بالقدر الذي كان يتوقعه عند خلاصه. فسأله خادم الرب إن كان قد قام بالشهادة أمام أي شخص بقصة خلاصه، فاجابه بالنفي. وفي الأسبوع التالي كانت له الفرص للشهادة وكان هذا كفيلاً بعلاج حالته. والشهادة تتضمن أيضا إعلان كل أوجه نعمة اله وصلاحه، والرسول بطرس بعدما أخبر المؤمنين بامتيازاتهم ومركزهم الفريد يضيف قائلاً:

"واما انتم فجنس مختار وكهنوت ملوكي امة مقدسة شعب اقتناء لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة الى نوره العجيب " (1بط 2 : 9)

والشهادة هي بالأفعال والكلمات. ولا جدوى لواحدة بدون الأخرى. فإذا كانت أعمالي صالحة ولكن لا أتكلم عن المسيح، فهذه ليست شهادة. وإذا كنت أتكلم عن المسيح ولكن أعمالي لا تُظهر نعمة الله، فكلماتي بلا فائدة. قال الرب يسوع " ... لكي يروا اعمالكم الحسنة ويمجدوا اباكم الذي في السموات" (مت 5 : 16)

قبل أن أختم هذا الموضوع أود أن أقدم اقتراحاً عملياً ..

فبجب على كل مؤمن أن تكون له مشغولية خاصة في مشروع ما، أو خدمة معينة. فمثلاً واحد يقرر أن يرسل بالبريد نبذة لشخص ما كل يوم أو حتى كل أسبوع. والآخر يهتم بالخدمة في السجون، والثالثة يزور المستشفيات أو المصحات ودور المسنين ... ويمكننا أيضاً أن نشجع أطفالنا منذ الصغر على الخدمة ... كان يقتصدوا من مصروفهم اليومي شيئاً للخدمات مثل التبرع للأطفال الجوعى في البلدان الفقيرة.

المهم هو أن يكون لكل واحد منا أهداف ومسئوليات محددة ويجب على المؤمن أن يكون أيضاً يقظاً ومنتبهاً لأي فرصة أخرى تسنح له لخدمة الرب في اية مناسبة.

"إذاً يا اخوتي الاحباء كونوا راسخين غير متزعزعين مكثرين في عمل الرب كل حين عالمين ان تعبكم ليس باطلا في الرب " (1كو 15 : 58)

  • عدد الزيارات: 4076