التغذية - نقص التغذية
1- نقص التغذية
لا شك أن نقص التغذية هو من أخطر المشاكل وأكثرها انتشاراً بين المؤمنين في هذه الأيام. وبعكس نقص التغذية الجسدي فهي ليست بسبب ندرة الطعام، إذ أن رغبة قلب الله أبينا هي أن أولاده يتغذون غذاءً كافياً. قال الروح القدس على لسان بولس الرسول "لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى" (1كو 3 : 16). وسفر المزامير يُفتتح بتطويب رجل يعطي ثمره في أوانه، لأن هذا الرجل يلهج في كلام الرب نهاراً وليلاً.
لماذا إذا يعاني كثير من المؤمنين من مرض نقص التغذية؟ إذا كنت من الذين قد تعودوا أن يلوموا إبليس في أي ظرف ... فأنت بلا شك مُحق تماماً في هذا الأمر أيضاً، فالشيطان لا يريدك أن تتغذى بكلمة الله، فهو يعلم جيداً أن هذا يدمر كل أسالبيه. فبثلاثة أعداد فقط من كلمة الله لقى هزيمة ساحقة من الرب يسوع في البرية (متى 4 : 1 – 11)، وهو يعلم أن "سيف الروح الذي هو كلمة الله" (أف 6 : 17) لابد أن ينتصر في كل وقت. وهذا بلا شك هو السبب في أن الشيطان قد حاول باستماتة أن يمحو كلمة الله على مر العصور، ولكنه فشل تماماً. وهو وإن كان قد نجح في حجبها على الناس لفترات معينة، ولكنه فشل في ذلك أيضاً في النهاية.
كيف إذاً يتمكن الشيطان من أن يحرم أولاد الله من التغذي بكلمة الله مع أنها حلوة المذاق وضرورية لصحتهم الروحية؟
الإجابة هي:
أ- بقتل شهيتهم: هل رأيت شاباً قوياً على مائدة الطعام وأمامه وجبته المفضلة ومع ذلك لا يمكنه أن يأكل بشهية؟ ألا تستنتج فوراً أن شيئاً ما قتل شهيته؟ إذا ملأ طفل معدته بمأكولات تافهة فلن يجد مكاناً للطعام الجيد، أي الطعام المغذي اللازم له. واعتقد أن هذه الحقيقة أخطر بكثير مما يتصور كثير منا.
هذا الطعام التافه (الرمرمة) قد يكون في حد ذاته غير ضار، مما قد يؤدي إلى الاعتقاد بأننا لا يجب أن نقف ضده بصرامة .... وتدريجياً يصبح هو طعامنا الرئيسي. وهناك أنواع كثيرة من هذه (الرمرمة) فبعضها مثلا حريف وأخر له نكهة لذيذة، ولكن كلها صفة واحدة وهي أنها تملأ المعدة ولا تغذي الكيان.
ولما كان الشيطان يعرف أمزجة كل الأشخاص فقد جهز لكل شخص طعاماً خاصاً حسب نقطة الضعف التي فيه. فللبعض جهٌز قصصاً وروايات بريئة ولطيفة. وللآخرين جلسات التسلية أو لمسك سيرة الآخرين، والبعض الآخر جعل لهم برامج تليفزيونية مُسلية ومسلسلات مُثيرة ... والنتيجة قتل الشهية.
ب- التأجيل: حيلة أخر يستعملها العدو معنا، وهي التأجيل – تأجيل الوجبة الروحية في قراءة كلمة الله. نفس الحيلة التي يستخدمها مع غير المؤمنين بتأجيل قبول المسيح كمخلص. وإذ وجد أن الخطة ناجحة، استخدمها مع المؤمن أيضاً. فهو يقول لربة البيت مثلاً بأن تقوم بالانتهاء من أعمال البيت أولاً . ثم يذكرها – إذا شرعت في قراءة الكتاب – بأمور أخرى هامة يجب انجازها، نعم إنه يستطيع أن يعرض اقتراحات كثيرة لكل شخص والنتيجة واحدة: تعطيله عن قراءة كلمة الله.
العلاج
يجب تحاشي هذه الحالة الخطيرة. وإذا حدثت فيجب معالجتها بسرعة.
في العهد القديم أعطى الرب وصايا في هذا الموضوع، فقال لموسى "ولتكن هذه الكلمات التي أنا أوصيك بها اليوم على قلبك، وقصها على أولادك وتكلم بها حين تجلس في بيتك وحين تمشي في الطريق وحين تنام وحين تقوم"
(تث 6 : 6، 7)
هل رأيت؟! إلى هذا الحد يجب أن تكون هذه التغذية مستمرة. وهذه التنبيهات تكررت مرات ومرات. والرب وعد إسرائيل أن هذا سيجعل أيامهم "كأيام السماء على الأرض" تث 11 : 21
وفي العهد الجديد هناك تحريضات كثيرة لكي نزاد اشتهاءاً لكلمة الله. فالرسول بطرس يحرضنا ويعطينا نصيحة بأن نشتهي اللبن العقلي العديم الغش، كما يشتهي الرضيع لبن الأم. عندما يشتهي الرضيع اللبن ... يصرخ طالباً إياه ولا يمكن إسكاته أو ملاهاته عن طلبه هذا، ولا يهدأ حتى يحصل عليه. فالدمى والمناغاة وغيرها لا يمكن أن تصرفه عنه حتى يجده لكي ينمو به. ولكن بكل أسف فإن البالغين المؤمنين يمكن صرفهم عن غذائهم الروحي بكل سهولة.
وعندما نعتاد الطعام التافه سيجد الشيطان سهولة في تقديم وجبات كاملة من النفاية أو كما وصفها الطبيب الحبيب لوقا "الخرنوب الذي تأكله الخنازير"
كثيرون من الآباء والأمهات سوف ينزعجون لو علموا أن أولادهم قُدمت لهم أطعمة من القمامة، في الوقت الذي يختلف فيه الأمر تماماً عندما يكون هذا بالنسبة للغذاء الروحي وهو الأهم.
قد يمتعض بعض القراء من هذا الكلام .... ولكن هذه هي المرة الحقيقية المؤلمة ... بدون أدنى مبالغة.
تحذيرات
أحذر المأكولات التافهة
احذر من تأجيل وجبتك الروحية
"كم أحببت شريعتك. اليوم كله هي لهجي"مز 119 : 97
هكذا نرى الأهمية العُظمى في أن ننمي شهيتنا وشعورنا بالجوع إلى كلمة الله لكي يمكننا أن نتمتع بالصحة الروحية. وكلما ازدادت قراءتنا وتأملنا في كلمة الله، كلما ازداد تمتعنا بها وازدادت رغبتنا أكثر في القراءة والتأمل.
"اكشف عن عيني فأرى عجاب من شريعتك" مز 119 : 18
وعلى الجانب الآخر فإن الطعام التافه الذي يقدمه لنا العالم والشيطان يبدو مقبولاً جداً للطبيعة البشرية. عندما كان بنو إسرائيل في البرية اشتهوا طعام مصر الأول: القثاء والثوم والبصل (عد 11 : 5). أنا أقدر مشاعرهم تماماً لأني ولدت في مصر وبقت فيها 28 عاماً، وبعدها استمر شوقي إلى طعامها حوالي سنة حتى تعودت على الطعام الجديد. فطعام مصر لذيذ بالفعل وله نكهة خاصة، ولكن معظمه قليل الفائدة الغذائية. وأكثر من هذا فإن الثوم والبصل يعطيان رائحة نفاذة غير مُحببة لفم الآكلين. كذلك طعام إبليس. فكلامك سيفضحك أمام إخوتك وسيعرفون على التو أنك لم تكن مع يسوع "فإنه من فضلة القلب يتكلم الفم" مت 12: 34.
هذا بعكس حال بني إسرائيل عندما كانوا يتمتعون بكنعان .... لم يشتاقوا إلى طعام مصر.
لاشيء يصرفنا عن الطعام التافه نظير الشركة مع المسيح والتغذي المستمر بكلمته.
- عدد الزيارات: 13614