مقدمة
"إنما صالح الله ...
أما أنا فكادت تزل قدماي. لولا قليل لزلقت خطواتي ...
ولكني دائما معك.
أمسكت بيدي اليمنى ...
برأيك تهديني وبعد إلى مجد تأخذني ..
من لي في السماء ومعك لا أريد شيئاً في الأرض ...
(مزمور 73 – مزمور لآساف)
قال ويليم كلي: أي عاقل عندما يكتب كتاباً فإنه يرغب طبعاً في تقديم فائدة إلى القارئ.
وليس لعرض معلومات جديدة كتب هذا الكتاب، بل بالأكثر لتذكير القديسين بالأمور "التي سمعناها من البدء". قال الرب يسوع لتلاميذه "ان علمتم هذا فطوباكم ان عملتموه " (يو 13 : 17)
فالغرض من هذا الكتاب إذاً هو التحريض. إذ يبدو أننا في هذه الأيام أصبحنا حكماء جداً من جهة أمور العالم أكثر بكثير من الأمور الروحية.
نحن نعيش في عصر زاد فيه اهتمام المؤمنين بالمأكل والملبس أكثر من الاهتمام بما يفيد حياتهم الروحية. ويبدو أننا عكسنا قول الرب " أطلبوا ملكوت الله وبره وهذه كلها (المأكل والملبس وغيرها) تٌزاد لكم".
والحقائق الخاصة بالتغذية أصبحت معروفة لدى الكثيرين منا ... أليست الطبيعة نفسها تعلمنا أنه إذا أهمل أحد طعامه لأبد أن تتهور صحته! فنحن لا نتوقع صحة جيدة بدون طعام. ولا نظافة بدون اغتسال.
من الناحية الجسدية قد رأى الكاتب ما لا يٌحصى من الحالات التي يتكلم عنها هذا الكتاب، وأما من الناحية الروحية فإنه يقر بكل تواضع، بل بكل أسف بأنه قد مر شخصياً بهذه التجربة المٌحزنة عندما أهمل غذاءه الروحي، أو عندما كان يهمل القواعد الصحية الموضحة فيما يلي. ولذلك فقد كتب هذا الكتاب لكي يوفر على القارئ المرور بهذه التجربة المؤلمة على نفس المؤمن.
ولدت في مصر في عائلة مسيحية بالحق. وكان خدام الرب المتجولون يمكثون عندنا أوقاتاً طويلة، فسمعت بشارة الإنجيل منذ طفولتي الباكرة. وفي سن الخامسة عشر صليت طالباً الخلاص، ومع إني اختبرت حياة النصرة في بعض الأوقات إلا أنني قضيت أوقاتاً أخرى في حالة هزيمة كاملة. واستمرت هذه الحالة المؤلمة سنوات قليلة، حضرت بعدها إلى الولايات المتحدة لاستكمال دراستي الطبية العليا، والتي كانت تستغرق ساعات طويلة من العمل والدراسة، وكان لإهمالي الصلاة وقراءة كلمة الله عواقبه المٌحزنة، فكنت كثيراً ما أقول لنفسي: هل أنا حقيقة ولدت ثانية؟ وكنت أعلم أن الأمور لا يمكن أن تستمر على هذا الحال. أما إذا كنت قد ولدت ثانية فعلاً في سن الخامسة عشر، أو في وقت لاحق ... فإنني لا أعلم. ولكنني سأعلم حتماً عندما أرى الذي خلصني له كل المجد. ولكنني أقول هذا لكي أوضح كيف أن المؤمن الذي يهمل الصلاة وكلمة الله ... يمكن أن يصل إلى حالة (غيبوبة روحي) يكون من الصعب فيها تحديد ما إذا كان حياً أو ميتاً. ولكن الراعي الصالح الذي وضع حياته عن الخراف، هو أيضا "راعي الخراف العظيم" الذي يرد ويحفظ نفوسها.
بعد سنوات قليلة كنت أستعد للقيام بأجازة من العمل فأخذت معي كتابين كيفما اتفق ... كتاب عنوانه (موت أمة – The Death of a Nation) بقلم ستورمر. والأخر عنوانه (معذب من أجل المسيح – Tortured for Christ) بقلم ورمبراند. الأول أراني مصير العالم الذي نعيش فيه، والثاني أراني لمحة من حياة بعض المسيحيين الحقيقيين الذين كانوا أمناء حتى الموت. والحقيقة إني قرأت كتباً دينية كثيرة ... ولكن الرب في صلاح أفكاره قد سٌر بأن يستخدم هذين الكتابين لكي "يهديني إلى سٌبل البر من أجل اسمه"
وإذا سٌر الله بأن يستخدم هذا الكتاب لبركة واحد فقط من المؤمنين الذين يهملون غذاءهم الروحي .. لكان في هذا مكافأة كافية وكاملة لي.
أنيس بهنام
- عدد الزيارات: 3101