الصلاة
كان في أيام نحميا الطريق صعباً، ولكن قليلين جداً وجدوه. ومن بين الملايين الذين سُبوا بعيداً وتشتتوا في أقصى الأرض، لم يوجد غير ستين ألفاً لهم قلباً للرجوع. وعندما رجعوا فإن كثيرين منهم انهاروا وجزعوا وصاروا حِملاً على إخوتهم وربطوا أنفسهم بالأعداء المحيطين بهم. ولكن في وسط كل هذا وُجد أولئك الذين كان لهم القلب المرتبط بحق الله. كان نحميا يعمل بقوة الإيمان. لم تكن لديه نظرية صحيحة في فكره ليعمل بها، ولكنه شحذ كل قواه لكي يسلك في طريق هذا الحق. ثم نجده مستعداً للعمل في الإصحاح التالي.
"فقال لي الملك ماذا طالب أنت؟" (نح2: 4). وقبل أن ينطق بكلمة للملك رفع قلبه إلى إله السماء: "فصليتُ إلى إله السماء". وأرسل صلاة قصيرة. ويمكنك أنت أن تطلب لأجل شيء ما لو كان بحسب كلمة الله. إنه استحضر الله هنا ثم خاطب الملك. وسأله إن كان يسمح له بالرجوع إلى تلك المدينة المقفرة جداً والخربة. وفي العدد الثامن نجد الإجابة عن هذه الصلاة القصيرة. "فأعطاني الملك حسب يد إلهي الصالحة عليّ" وهو يُرجع ذلك إلى الله الذي استجاب لصلاته. كان الملك أَداة في يد الله. والله يريدنا أن نعود إليه ونتحقق أنه هو المهيمن على الظروف المحيطة بنا. كما قال مستر داربي (إن الله من وراء هذه المشاهد، وهو يحركها جميعاً).
لم يضيع نحميا وقته بل عمل بطاقة إيمانه. ومتى أرانا الله طريقاً ووجدناه في كلمة الله فيجب علينا أن نعمل... وكم من نفوس ترى الطريق وترفض أن تعمل، إذ أنهم يحسبون الكلفة فيجدونها باهظة جداً، فيتقهقرون للخلف ويجلبون الخسارة لأنفسهم. لم يكن الأمر كذلك مع نحميا. إنه رأى الطريق وعمل ورجع إلى أورشليم في وقت قصير.
"وخرجتُ من باب الوادي ليلاً أمام عين التنين إلى باب الدمن وصرتُ أتفرّس في أسوار أورشليم المنهدمة وأبوابها التي أكلتها النار... فصعدتُ في الوادي ليلاً وكنتُ أتفرس في السور ثم عدتُ فدخلتُ من باب الوادي راجعاً. ولم يعرف الولاة إلى أين ذهبتُ ولا ما أنا عامل ولم أخبر إلى ذلك الوقت اليهود والكهنة والأشراف والولاة وباقي عاملي العمل، (نح2: 13و 15و 16).
كان يعمل لله، ولم يكن مستعداً أن يخضع للولاة والقادة لئلا يرخوا يديه أو يُضعفوا غيرته، ولكنه تسلل مع الليل. أما ما وصل إليه فنجده في عدد 17.
"ثم قلت لهم أنتم ترون الشر الذي نحن فيه كيف أن أورشليم خربة وأبوابها قد أُحرقت بالنار. هلم فنبني سور أورشليم ولا نكون بعد عاراً".
إنه طموح مقدس، فهنا شخص ملتهب بغيرة ليعود إلى المبادئ الأولى. يقول (نحن نحتاج إلى هذا السور فلننشغل الآن ونبنيه) كانت عنده الشجاعة ليقوم ويعمل. فهل لدينا الشجاعة لنعود إلى المبادئ الأولى؟ إن كانت لدينا فهي تتطلب منا أعمالاً ليست جماهيرية أو شعبية كما سنرى بعد قليل.
لقد واجه الكثير من المقاومة. ماذا تظن فيما تعنيه كلمة سور؟ انظر مثلاً إلى الحائط في هذه الحجرة- ما الغرض منه؟ لكي يفصل هذه الحجرة عن الأخرى. فالسور أو الحائط يتحدث عن الانفصال. ولعلها كلمة كثيراً ما نخجل من ذكرها. وفي أحيان كثيرة نحن السائرين في الطريق نميل إلى ترويض وإضعاف كلمة الانفصال.
لقد وضع نحميا في عقله أن كل قدم مكعب في هذا السور يجب أن يعود إلى ارتفاعه الطبيعي وكل بوابة ترجع كما كانت بغض النظر عن تكلفتها، فهو عازم على أن يتمم كل شيء كما كان قديماً. كانت أمامه العديد من المشاكل ولكنه استطاع أن يبني السور. كذلك أيها الإخوة أنا وأنت متى كنا عازمين أن نتبع كلمة الله ونعود إلى المبادئ الأولى فإلى أي مدى نحن راغبين أن نصل؟ أنقول: (كان السور القديم عشرين قدماً ولكننا نكتفي بأن نعمله عشرة أقدام فقط). وبمعنى آخر أنريد أن نعمل 50% فقط لما لدينا في كلمة الله؟ أنا لا أجد في كلمة الله ما يسمح بهذا التساهل إذ يقول: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (متى4: 4) إن كل توجيه أجده في الكتاب يجب أن يكون صوتاً حياً لنفسي. ولن أرضى بأقل من ذلك، هذا هو نحميا.
والآن نجد نحميا في مواجهة المتاعب: "ولما سمع سنبلّط الحوروني وطوبيا العبد العموني وجشم العربي هزأوا بنا واحتقرونا وقالوا ما هذا الأمر الذي أنتم عاملون. أعلى الملك تتمردون؟" (نح2: 19).
أرادوا أن يهزأوا ويواجهوا الأمر بالاحتقار والسخف. فكيف لهذه البقية القليلة أن تُعيد بناء السور! وكان هؤلاء العرب ذوي قرابة دم لبعض من أولئك الرجال. كذلك فإن المؤمن الذي يسلك طريق الانفصال كم من أولئك الذين يسخرون به- يسخرون للصغر الشديد والضعف المتناهي لمن يسلكون طريق الانفصال ويكون تعبيرهم أحياناً مثل بني الأنبياء عندما قالوا لأليشع "هوذا الموضع الذي نحن مقيمون فيه أمامك ضيق علينا" (2مل6: 1). إن كثيرين يهدمون الشركة ويتركون الاجتماع لاسم الرب. ويجولون هنا وهناك. أعرف أخاً وزوجته ساروا في هذا الاتجاه- تعثروا فتركوا الاجتماع وبعد وقت قابلت الزوجة وقلت لها (أي اجتماع تذهبون إليه الآن أنتِ وزوجك). فأجابت (نحن نذهب إلى أي اجتماع ديني في أي طائفة!) فإذا تخليت مرة عن الحق- أنا وأنت، فإننا سنهيم على وجوهنا بين اجتماعات الطوائف، إن هذه الأخت وزوجها توقفا بعد ذلك عن الطواف ويا لها من مأساة!
إنه ستلاقينا العديد من المقاومات إن أردنا أنت وأنا أن نتبع طريق الانفصال. وأول هذه العوائق التي يحاول بها العدو معك أنه يسخر منك قائلاً (ماذا تظن في نفسك؟ أتريد أن تضع جانباً خبرة الكنيسة التي تختزن عمراً طويلاً قدرها ألف وثمانمائة عام لكي تعود إلى المبادئ الأولى؟). إنه يلزمنا أن نقول (أي خبرة كنيسة هذه التي تتعارض مع المكتوب؟) فعلينا أن نتبع كلمة الله وهذا ما يجب أن نفعله.
في أيام نحميا سخروا بهذا العمل ولكن في إصحاح(2: 20) يجيبهم قائلاً "إن إله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبني. وأما أنتم فليس لكم نصيب ولا حق ولا ذكر في أورشليم". ليس في هذا افتخار عليهم ولكنه الإخلاص والولاء بحسب كلمته. فإلى أين يتجه رسم خطط السور؟ إنهم يبنون على الأساس القديم.
وبعد قليل نقرأ في (ص4: 10) "قد ضعفت قوة الحمالين والتراب كثير". أليس هذا هو الحق؟ وإذا عدنا إلى (ص2: 20) فماذا يُفعل "بالتراب الكثير"؟ عليهم أن يعملوا شيئاً واحداً وهو أن يستمروا في الحفر حتى يصلوا إلى الأساس القديم. كم من تراب كثير قد تراكم في المسيحية! وقد تندهش عندما تتطلع اليوم إلى هذه الأمور- فالمستويات العصرية في مباني الكنائس والملابس الفاخرة للقسوس والكهنة والسيمفونيات الموسيقية والهيرارشية (أي الرئاسية) الإكليروسية الخ-، هذه جميعها من التراب الكثير الذي تكدس. ولذلك نجد أنه كان عليهم أن يحفروا حفراً عميقاً حتى يصلوا إلى الأساس.
"وأما أنتم فليس لكم نصيب ولا حق ولا ذكر في أورشليم". هؤلاء الرجال الوارد ذكرهم في عدد 19 من لهم الارتباطات العالمية الذين يريدون أن يحظوا ببناء السور مع اليهود الذين يبنون. وفي كل وقت نجد المؤمنين يطلبون المال من غير المؤمنين أو يأتيهم المال من غير المؤمنين دون طلب فيقبلونه، إنهم يدوسون على ما قيل "أما أنتم فليس لكم نصيب ولا حق ولا ذكر في هذا الأمر". إن الخدام الأوائل الذين خرجوا لأجل اسمه "لا يأخذون شيئاً من الأمم". أتُرى نستجدي نحن التبرعات والمساهمات المالية من العالم لإنجاز عمل الرب؟ أما لو كانت لنا شركة مع فكر الرب فإننا لسنا فقط لا نمد أيدينا للعالم بل أيضاً لا نقبل ما يُقدّم لنا منه.
وفي الإصحاح التالي نجدهم يعملون. "وبجانبهم رمم التقوعيون، وأما عظماؤهم فلم يُدخلوا أعناقهم في عمل سيدهم" (نح3: 5) ليتنا نهتم بخدمة المسيح ونتممها بأمانة. وبعدما انتهوا من هذا العمل الحلو لبناء السور قام العدو بعمل اضطراب وارتباك فلم يُرضِ العظماء هذا العمل إذ شعروا بأنهم في مكانة عالية لكي يضعوا أنفسهم ويبنوا. وهذا معناه أن البعض كان عليه أن يقوم بعمل مضاعف. وعندما نستمر في قراءة الإصحاح سنجد عملاً مضاعفاً يتبعه مكافأة مضاعفة.
"... رمم عزئيئل بن حرهايا من الصياغين. وبجانبه رمم حننيا (واحد من إبن) العطارين.. قسم ثان رممه ملكيا ابن حاريم وحشوب ابن فحث موآب، وبرج التنانير (أي الأفران)" (ع8و 11). إننا نجد الصياغ والصيادلة أو العطارين يقومون بجزء من البناء. وفي العدد 12 نجد أن النساء يشاركن في العمل أيضاً "رمم شلوم بن هلوحيش رئيس نصف دائرة أورشليم هو وبناته" هناك الكثير من العمل للأخوات لكي يعملن. إنك لا تجد أي إشارة فيها تجاهل أو استخفاف بالنساء في الكتاب. فكل قديس لله له عمل يقوم به.
"وباب الدمن رممه ملكيا بن ركاب رئيس دائرة بيت هكاريم هو بناه وأقام مصاريعه وأقفاله وعوارضه" (ع14). إن الناس لا تحب الأبواب والأقفال والعوارض. إنها تحب كل شيء مفتوحاً على مصراعيه. لكن الله يؤمن بالذين هم "من الداخل" والذين هم "من الخارج". أما العدو فلا يحب الأسوار والأبواب والعوارض بل بالحري يريد هدمها وتسوية كل شيء بالأرض. ولكن إذا أردت أن تحتفظ بحق الله فلا بد أن يكون هناك سور وأقفال وعوارض. يقول المرنم "اخترت الوقوف على العتبة (أي الباب. أو فضلت أن أكون بواباً) في بيت إلهي على السكن في خيام الأشرار". فما هو عمل البواب إن لم تكن هناك أبواب؟ إن الله يريدنا أن نهتم بأولئك الذين لنا معهم شركة لكي تستمر دائرة "الذين من داخل" و"الذين من خارج".
".. رمم بعزم باروخ بن زياي" فالبعض أتم العمل بقلب منقسم والبعض بقلب كامل. وبالرجوع إلى (ص7: 2) "لأنه كان رجلاً أميناً يخاف الله أكثر من كثيرين". وأعتقد أنها واحدة من أغلى الألقاب التي يمكن لأي واحدٍ منا أن يتحلى بها. ألا تشتهي شيئاً من ذلك؟ إن الله يريد هذا النوع من الناس اليوم. فكيف نكون كذلك؟ بالسير في الطاعة لإرادة الله بسعادة وبثبات، لا بشكل متقلقل أو متهيج.
"كل واحد مقابل بيته" (نح3: 28). أنت لك عملك الذي تقوم به لأجل الرب ولا تتوقع أن يقوم به غيرك. لا أحد آخر يمكنه أن يعمل ما قُسِّم لك. إنني أتعجب كيف أن كثيرين منا موزعين على السور لكي نعمل على حفظ طريق الانفصال في هذا العالم. وعندما نجد إخوة غير مبالين ومتهاونين في الحق ويسيرون بانحلال كثير، فهل نتوقع أن نجد طريقاً لكي نسلكه ومثل هؤلاء صورة سيئة لذلك.
إن كلاً منا مسئول عن جزء من السور الذي يقف مقابله. وهل من السهل عندما يرى مؤمنٍ طريقة حياتك أن يسلك في طريق الانفصال؟ إن كلاً منا يؤثر في الآخر ولا يمكنك أن تقول أن لا أحد يلتفت إليك فالكتاب يقول "اصنعوا لأرجلكم مسالك مستقيمة لكي لا يعتسف الأعرج بل بالحري يُشفى" (عب12: 13). ربما يأتي واحد أضعف مني. صحيح أننا جميعاً ضعفاء ولكن هناك دائماً واحداً أكثر ضعفاً. فكم يكون جميلاً إن كنت أنت وأنا نساعد الضعيف ليجد الطريق "بل بالحري يُشفى".
"ولما سمع سنبلّط أننا آخذون في بناء السور غضب واغتاظ كثيراً وهزأ باليهود. وتكلم أمام أخوته وجيش السامرة وقال ماذا يعمل اليهود الضعفاء؟ هل يتركونهم؟ هل يذبحون؟ هل يكملون في يوم؟ هل يحيون الحجارة من كوم التراب وهي محرقة؟. وكان طوبيا العموني بجانبه فقال إن ما يبنونه إذا صعد ثعلب فإنه يهدم حجارة حائطهم" (نح4: 1و 3). لقد أصابهم قدراً من السخرية والاستهزاء. وأتصور أن عدداً كبيراً من هؤلاء الرجال الأردياء وهم يقفون ويتطلعون إلى عمل الرب ويضحكون ويطلقون المزاح على الذين يبنون السور. وكان طوبيا شديد الذكاء عندما قال "إذا صعد ثعلب فإنه يهدم حجارة حائطهم".
ورجع نحميا إلى الرب قائلاً: "اسمع يا إلهنا لأننا قد صرنا احتقاراً" (ع4). إن الله يسمع عندما نُحتقَر. إنه يشعر بنا ويعرف طريق الرفض الذي نسلكه. هذا هو الطريق الذي سلكه الرب يسوع. كان هو رجل الأوجاع ومختبر الحزن "مخذول من الناس" "لا جمال فننظر إليه ونشتهيه". هذا ما نقرأه عنه في اشعياء 53. فهل تريد أنت وأنا أن نكون مقبولين بينما كان سيدنا مرفوضاً؟.
"لا تخافوهم بل اذكروا السيد العظيم المرهوب وحاربوا من أجل إخوتكم وبنيكم وبناتكم ونسائكم وبيوتكم" (ع14). أنريد طريقاً لأولادنا لكي يسيروا فيه في عالم الخطية والتشويش هذا؟ مكاناً طاهراً لهم؟ فلننظر لأنفسنا أولاً لنحفظ هذا الطريق. فإذا نسينا الطريق وقلنا "إنه لا يستحق" فإن أولادنا لن يسلكوا فيه.
"ولما سمع أعداؤنا أننا قد عرفنا وأبطل الله مشورتهم رجعنا كلنا إلى السور كل واحد إلى شغله" (ع15). أليس هذا حسناً! أتعتقد أن اثنين أو ثلاثة يجب أن يقوموا بكل العمل؟ إن كل واحد منا له عمله. ولقد وضع الرب الأمر بهذه الطريقة "قاسماً لكل واحد بمفرده كما يشاء" "ولكل عمله" (1كو12: 11)، (مر13: 34). إنه يتوقع أن يخدمه كل واحد في طريق الطاعة.
"فقلت للعظماء والولاة ولبقية الشعب العمل كثير ومتسع ونحن متفرقون على السور وبعيدون بعضنا عن بعض" (ع19). كانوا جماعة ضعيفة- أليس في هذا كلمة مؤثرة لنا؟ نحن متفرقون الواحد عن الآخر بمسافات كبيرة على نحو ما. "فالمكان الذي تسمعون منه صوت البوق هناك تجتمعون إلينا. إلهنا يحارب عنا" (ع20). فإن كنا نحفظ هذه الروابط ونجعل إخوتنا يشعرون أنهم واحد في شهادة متحدة على الرغم من تفرقهم بمسافات شاسعة، فهذه تكون تعزية. إنها أيام الضعف فإن وُجدنا عاملين معاً ولنا الإدراك في كفايته فإنه يؤازرنا ويقودنا "فكنا نحن نعمل" (ع21).
"ولما سمع سنبلّط وطوبيا وجشم العربي وبقية أعدائنا أني قد بنيت السور ولم تبقَ فيه ثغرة. على أني لم أكن إلى ذلك الوقت قد أقمتُ مصاريع للأبواب. أرسل سنبلّط وجشم إليّ قائلين هلم نجتمع معاً في القرى في بقعة أونو وكانا يفكران أن يعملا بي شراً. فأرسلتُ إليهما رسلاً قائلاً إني أنا عامل عملاً عظيماً فلا أقدر أن أنزل. لماذا يُبطل العمل بينما أتركه وأنزل إليكما" (ع6: 1- 3).
والآن لا يقول العدو ما سبق أن قاله إذا صعد ثعلب فإنه يهدم السور، ولكنه يغير خطته إذ يلجأ إلى محاولة للتسوية ولكن نحميا ورفقاءه كان لهم شعوراً وتقديراً لأمور الله ولا يمكنهم أن يتراجعوا، أو أحداً يثنيهم، وبالقياس البشري فإن بناء السور يحمل معنى محدود، ولكن الأمر في تقديرهم كان يكمن في حقيقة أي سور كان هذا، وأين مكانه، "لم يتركنا إلهنا بل بسط علينا رحمة... وليعطينا حائطاً في يهوذا وفي أورشليم" (عزرا9: 9). لقد كان سور الله. وعند اكتماله تم تدشينه لله "وعند تدشين سور أورشليم" (نح12: 27). وثانياً أقيم "في مدينة إلهنا جبل قدسه. جميل الارتفاع فرح كل الأرض جبل صهيون... مدينة الملك العظيم" (مز48: 1و 2)، إنها مدينة الله. ولذلك فإن نحميا في كمال إيمانه أمكنه أن يقول "إني أنا عامل عملاً عظيماً".
كذلك بالارتباط بامتيازنا الخاص في يومنا هذا لحفظ الشهادة بالانفصال الحقيقي فإنه إذا قيست الأمور بالنجاح الخارجي أو الإنجاز فقد يبدو أن هذا العمل بسيط الذي قام به نحميا وهو بناء السور، ولكن بحسب كلمة الله وحق الله فإن شهادة الله التي نؤكد عليها هي التي تعطي للطريق ضمانها الإلهي.
- عدد الزيارات: 4307