Skip to main content

الانقسام

وفي نحميا نجد رجلاً يتألم في نفسه لأجل حالة شعب الله المنهدمة. وكان فشلهم وعصيانهم وتمردهم وسوء سلوكهم هو الذي جعلهم في هذه الحالة. أقول لماذا تمزقت الكنيسة في عمومها إلى 2500 طائفة مختلفة؟ هذه هي إرادة الإنسان الذاتية والتمرد وعدم خضوعه لكلمة الله. إن الجماعات الصغيرة تسعى أن تسير بالانفصال- فلماذا انشقت؟ إنه ذات السبب- إرادة غير منكسرة وتصميم على الطريق المستقل. ويتكرر هذا السبب دائماً. إنه شيء مؤسف، فالانقسام هو خطية والكتاب لا يعطي عذراً لمن يفعل ذلك. أنشعر بهذا فعلاً أم نقول: هذه المجموعة حسنة كالأخرى، وعليك أن تختار ما تريد؟ في إنجيل لوقا 22 لم يقل الرب كلمة عن حرية الانتقاء بين الجماعات بل أخبر تلميذيه أين يذهبان وكيف يجدا المكان، وبكلمات أخرى لا يمكنهما أن يضلا طريقهما. فهل هو أقل اهتماماً بنا؟

وجّه أحدهم سؤالاً لي: هل تعتقد أن اجتماعنا صحيح؟ فأجبته متسائلاً ماذا تظن في وجوب الاجتماع الصحيح؟ فأقّر بأن مرشدنا الوحيد في ذلك هو كلمة الله.

"وقلت أيها الرب إله السماء الإله العظيم المخوف الحافظ العهد والرحمة لمحبيه وحافظي وصاياه لتكن أذنك مصغية وعيناك مفتوحتين لتسمع صلاة عبدك الذي يصلي إليك الآن نهاراً وليلاً لأجل بني إسرائيل عبيدك ويعترف بخطايا بني إسرائيل التي أخطأنا بها إليك فإني أنا وبيت أبي قد أخطأنا" (نح1: 5و 6).

ونلاحظ أن نحميا لم يقل بأن كل واحدٍ تحت الملامة إلا هو، ولكنه يطرح نفسه كمشترك في الفشل السائد".

"اذكُر الكلام الذي أمرت به موسى عبدك قائلاً إن خُنتم فإني أفرقكم في الشعوب. وإن رجعتم إليّ وحفظتم وصاياي وعملتموها إن كان المنفيون منكم في أقصاء السموات فمن هناك أجمعهم وآتي بهم إلى المكان الذي اخترت لإسكان اسمي فيه، (نح1: 8و 9).

وأعتقد أننا نجد هنا مبدأً ثميناً للغاية. ليتنا نتعلّمه. لا يهم إلى أي مدى يكون المرء منا قد ابتعد عن الحق واختلط بالتشويش المحيط بنا، فمتى كان هناك تذلل أمامه فإنه يُرجعنا إلى طريقه "إن كان المنفيون منكم في أقصاء السموات فمن هناك أجمعهم وآتي بهم إلى المكان الذي اخترتُ لإسكان اسمي فيه". "من لا يجمع معي فهو يفرق" (لوقا11: 23). هناك نقطة تَجمّع واحدة ومركز اجتماع واحد، فالله يجمع نفوساً للمسيح "فإني أجمعهم".

أتعتقد أن الله يجمع أناساً للانقسام؟ ماذا يقول العدد الوارد في (1كورنثوس24: 33) "الله ليس إله تشويش". أليس الانقسام أردأ أنواع التشويش؟. وها هي أصوات بابل: "تعال معنا، تعال معنا!". ولكن هل الله هو إله تشويش؟ كلا، "الله ليس إله تشويش".

الله هو الذي يجمع هنا "فمن هناك أجمعهم وآتي بهم إلى المكان الذي اخترتُ لإسكان اسمي فيه". من الذي يختار هنا؟ بالتأكيد لستُ أنا. يقول الناس إنها مسألة ترجع إليك. ولكن ليس هذا صحيحاً على الإطلاق لأنه اختيار الله وليس اختياري أنا أبداً، بل عليّ أن أجد المكان الذي عيّنه، وأنا أتأكد أنني هناك. والله يتحمل المسئولية تجاه المكان الذي سنُجمع إليه. "وآتي بهم إلى المكان الذي اخترت لإسكان اسمي فيه".

أيها الأحباء قديسي الله أتظنون بأن الله كان مشغولاً بهذا الأمر في العهد القديم حيث كان التدبير في مطلع الفجر، ثم بدأت مشغولية الله به تقل في العهد الجديد، حيث أصبح التدبير الحالي في النور الكامل؟ وحيث صار إعلان الحق في المسيح يسوع كاملاً؟ وحيث ليس إعلان آخر بعد اكتماله؟. أيكون الله أقل اهتماماً بهذا الأمر الآن؟ بالتأكيد لا. هل الله يتغير؟ هل الله متقلب حتى أنه يعطي تقديراً عظيماً لاسمه في العهد القديم ثم يتراجع عنه في العهد الجديد ثم يخبرنا بأن أي مكان صحيح؟ بالتأكيد لا فهو لا يتعارض مع ما قاله. قال "المكان الذي اخترتُ لإسكان اسمي فيه". واختار الله المكان. أتريد اسماً آخر؟ يا لها من إهانة تلحق بالله إذا دعونا لاسم آخر بخلاف الاسم المستحق. وإذا رجعنا إلى (متى 18: 20) نجد هذه الجملة الشائعة "لأنه حيثما جُمع اثنان أو ثلاثة إلى اسمي فهناك أكون في وسطهم" يا له من مكان عجيب أليس كذلك؟ أين نجد شيئاً ثميناً أكثر من ذلك؟ فهل أخذت مكانك هناك؟ وإن لم يكن فَلِم لا تأخذ مكانك؟ هل يوجد لك مكان آخر؟ أتريد أن تقول لي إن الله أعدّ طريقاً لنسلك فيه بحسب ما أعطانا في كلمته، وبعد ذلك تنكر عليّ امتياز السير فيه؟ لست أظن أن ربنا المبارك يهزأ بنا. فأنا أؤمن أنه إذا كانت كلمة الله ترينا طريقاً محدداً فإن الله يحفظ لنا هذا الطريق للسير فيه- أليس كذلك؟

  • عدد الزيارات: 2831