أسلوب بولس
وأول ما نشير إليه في الإصحاح الثاني هو الأسلوب الذي يُصدر به الرسول هذا الجزء من موضوعنا. معلوم أن القديسين في فيلبي قد برهنوا على محبة المسيح لبولس بواسطة خدمتهم لحاجاته، هذه الخدمة التي أثرت في نفسه فسماها خدمة "وعظ أو تعزية" في المسيح "تسلية للمحبة شركة في الروح أحشاء ورأفة" وإذا اعترف بخدمتهم شاكراً سكب قلبه راغباً لهم أن يعملوا حسب فكر المسيح أكثر فيتمموا فرحه. ونسأل ما هي الأشياء التي يرغب فيها الرسول لهم؟ هي أولاً أن يتمكن الإتحاد الكامل بينهم وثانياً أن يكونوا متواضعين حاسبين بعضهم البعض أفضل من أنفسهم وثالثاً أن يتفرغوا من محبة الذات ويمتلئوا من التضحية فيهتم كل واحد منهم فيما هو للآخرين.
هذا الكلام كله يستخدمه الرسول كباب للدخول منه إلى موضوعه الأصلي: فهو يجمع كل هذه الأفكار مسوقاً بالروح القدس ويُضمنّها جميعها في هذه الكلمات التحريضية "ليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع" والسبب في هذا التحريض هو كما أسلفنا أنه بدونه لا يمكن أن نُظهر المسيح. ولنسأل إذن ما هو فكر المسيح الذي يتكلم عنه الرسول هنا؟ الجواب كما هو وارد في كلمة الله إذ كان في صورة الله أخلى نفسه وكإنسان وضع نفسه حتى موت الصليب. فكر المسيح هو النـزول من أسمى علاء إلى أدنى حضيض. من علاء لا نستطيع أن ندرك مجده إلى حضيض لا تتصوره عقولنا. لأنه يتضمن موت الصليب. هذا العمل الذي سيظل موضوع سُبحنا في الأبدية. وليس غرضنا الآن أن نكتب كثيراً عن تنازل النعمة الغير محدودة ولكن كل ما نريد أن نقوله هو أنه ينبغي أن يكون فكر المسيح فينا لكي نُظهره في حياتنا وفي سلوكنا وفي تصرفاتنا هنا على الأرض.
- عدد الزيارات: 3200