Skip to main content

نتائج الثبات في المسيح

أولاً- ظهور الثمر:

نتعلم أن الثبات في لمسيح يُنتج ثمراً. والرب يُشدّد على أهمية ذلك بصورة إيجابية وسلبية. فيُرينا أنه ما لم نثبت في المسيح لن نأتي بثمر. ويخبرنا أيضاً أننا لو ثبتنا فيه، وهو يثبت فينا نأتي بثمر كثير. ونتعلّم من أجزاء كتابية أخرى أن "ثمر الروح محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف" (غلاطية 5: 22و23). فما هي تلك الصفات الحلوة غير صفات المسيح الجميلة؟ نقول بكل تأكيد أن الثمر الذي يتحدث عنه الرب هو نتاج صفاته الخاصة التي يطبعها في حياة المؤمنين.

والثمر في هذا النص ليس هو الخدمة أو ممارسة الموهبة، مع أهميتها إذا كانت في مكانها الصحيح، ذلك لأن المواهب هي للبعض وليست للكل، أما الثمر فهو متاح للجميع صغاراً وكباراً على السواء، إنه تعبير عن حلاوة المسيح في حياتهم. إن القليل من نعمة المسيح تُنشئ ثمراً للآب، وتظهر كشهادة للعالم. وهذا هو الغرض الأسمى الذي تُركنا له في هذا العالم المُظلم، لنُضئ كأنوار مظهرين شيئاً من صفات المسيح الجميلة. وهذا من الممكن حدوثه إذا ثبتنا في المسيح. أما إذا سعينا لرفقته، ودخلنا تحت تأثيره بالثبات فيه، فإننا نتغير إلى صورته من مجد إلى مجد.

يقيناً في حضـورك تستريح نفسي هناك

وعيني تستقر عليك في بهاء أمجــادك

فكمالاتك ما أعمقها لكني سأعرفها أكثر

وبتعبد حار أُقـدّم فأزداد معرفة لك

ثانياً- استجابة الصلاة:

كلمات الرب تخبرنا صراحة أن الثبات في المسيح تجعل صلواتنا مستجابة.وبتأثير حضوره المبارك وكلماته التي تثبت في قلوبنا، فإن أفكارنا تتشكّل بفكره، وصلواتنا تتوافق مع ذهنه، ولهذا فإن صلواتنا تُستجاب من لدنه.

ثالثاً- السلوك في خطوات المسيح:

يخبرنا الرسول يوحنا في رسالته أن الثبات فيه يقودنا إلى السلوك كما سلك ذاك (1يوحنا 2: 6). كيف سلك المسيح؟ نقرأ عنه: "إن المسيح لم يُرضِ نفسه". وعن الآب قال المسيح "إني أفعل كل حين ما يرضيه". هذا المثال الكامل لسلوك المؤمن. وقال الرسول بولس: "يجب أن تسلكوا وتُرضوا الله" (1تسالونيكي 4: 1). ومرة أخرى فإن نفس الرسول يُحرّض المؤمنين أن "يسلكوا في المحبة كما أحبنا المسيح أيضاً" (أفسس 5: 2).

لهذا كانت علامات طريق الرب التي تميزه، هي اختفاء الإرادة الذاتية تماماً وهو يعمل إرادة أبيه، كذلك خدمة الآخرين بالمحبة. أما بالنسبة لنا فإنه من الممكن أن نسلك في طريق الكمال- بقدر ما- طالما نحن ثابتون في المسيح. ومن المفيد لنا أن نكون مثل مريم في القديم، التي جلست عند قدميه، نسمع كلامه. عندما نكون تحت تأثير حضوره، متذكرين طريقه، عندئذ يمكننا أن نتبع إثر خطواته، مصغين إلى كلمات محبته ونعمته، فنرى يده الممتدة بالبركة. ومن وراء سلوكه وطرقه وكلماته الكاملة، فإننا نُميز فيه الروح التي استبعدت تماماً كل أفكار ذاتية لكي يخدم الآخرين بالمحبة.

ربما نعرف تعاليم المسيحية، وقد نتمسّك بحقائق الإيمان العظمى والأساسية، ولكن كما قال واحد: (مهما كان لديّ من المعرفة ولو صحيحة، أو الذكاء والفهم الصحيح، فإن كل هذا لا يطبع فكر الرب يسوع المسيح على نفسي). فإذا كان علينا أن نحمل انطباعات المسيح وأن يكون لدينا شيئاً من أحاسيسه، فإنه يجب أن نكون في رفقته سائرين معه. ولهذا فإن كل واحد منا يتشّكل برفقته، تلك الرفقة التي تحفظنا، ومن شأنها أنها تُظهر صفات ذاك الذي نسير معه فنعكس صفاته للآخرين. إذن فلنثبت في المسيح ولنسلك معه إذا أردنا أن نكون مثله، بل ونسلك كما سلك.

رابعاً- السلوك بحسب مجد المسيح الآتي:

يخبرنا الرسول بعد ذلك لأنه إذا ثبتنا في المسيح فإن سلوكنا لن يُخجلنا أمام المسيح في مجيئه. وفي أحوال كثيرة نجد الكثير من سلوكنا وطرقنا وأحاديثنا وعاداتنا يكون مألوفاًَ لدى الناس، وحتى بين شعب الله، وبالمعايير البشرية فإنها لا تستوجب الحكم عليها. أما إذا حكمنا على أنفسنا وعلى كلماتنا وطرقنا في ضوء المجد العتيد عند استعلان المسيح، أفلا نجد الكثير مما يستوجب الإدانة والاعتراف بخجل لما كان فيه من عجز لقياس مجد الله؟

إننا عندما نثبت في المسيح، وتحت تأثير حضوره، والسلوك في الحكم على الذات، فإنه بهذا فقط سنُحفظ من كل ما يجعلنا نخجل في يوم مجده.

خامساً- استبعاد الإرادة الذاتية:

يُذكّرنا الرسول يوحنا قائلاً: "كل من يثبت فيه لا يخطئ" (1يوحنا 3: 6). ومن الآيات السابقة لهذا النص نتعلّم معنى الخطية، ففي عدد4 "الخطية هي التعدي". إن جوهر الخطية هي عمل الإرادة الذاتية بدون الرجوع إلى الله أو الإنسان. إن العالم المحيط بنا يتميز بازدياد التعديات. وكل واحد يفعل ما يحسن في عينيه، فماذا تكون النتيجة؟ إنه بدلاً من الارتقاء في الحضارة والتعليم والشرعية. فإن الأنظمة العالمية كما نراها، تسرع في التحلل، والمجتمعات والشعوب تنحدر إلى الوراء آخذة في التفسخ. وحيثما ساد روح الإثم فإن الخراب والتفكك يتبعه، سواء كان في العالم أو في شعب الله. ونحن المؤمنين في خطر التأثر بروح العالم المحيط بنا. وهكذا حدث بسبب عدم السهر فإن ذات مبدأ الإثم الذي فكك النظام العالمي، سرى بين شعب الله فأحدث الانقسام والتشتت.

فمثلاً، في مدرسة ما لو سُمح لكل تلميذ أن يفعل ما شاء، فمن المُتعذِر أن تستمر هذه المدرسة. وإذا كان كل فرد في العائلة يفعل ما يُعّن له فإن العائلة ستنكسر روابطها. وإذا كان كل فرد في جماعة المؤمنين يتبع إرادته الذاتية فإنها ستتفكك حتماً. إن روح الإثم متى ظهر في أي مجال فإنها ستقود إلى التفسخ، وبقدر ما يسعى هؤلاء حثيثاً إلى إتباع إرادتهم الذاتية بقدر ما يجلبون الخراب سريعاً. وبكل أسى نقول إنه ليس من سبب للتفسخ والانقسام والخراب بين شعب الله أعظم من الإرادة الذاتية العاملة في أشخاص ربما يكونون مخلصين.

فكيف نهرب من مبدأ الإثم أو الإرادة الذاتية؟ إنه بالثبات في المسيح، لأن الرسول يقول: "كل من يثبت فيه لا يخطئ". وبخضوعنا فقط تحت تأثير من استطاع أن يقول: "لم آت لأفعل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني"، يمكننا أن نهرب من إرادتنا الذاتية التي هي أساس الخطية.

  • عدد الزيارات: 6865