Skip to main content

الفصل السابع: "هوذا حمل الله"

إن الصليب هو مفتاح الحياة: إننا في الصليب وبه قد وصلنا إلى قرارة الأشياء. إذا استطعنا أن ندرك الألم الذي ينبض فيه استطعنا أن ندرك معنى الحياة نفسها.

إن سر المسيح لهو في روح التضحية البالغ منتهاها بصليبه. وإدراك هذه الحقيقة هو إدراك المسيح، وإدراك حقيقة المسيح هو إدراك حقيقة الله هو إدراك معنى العالم والحياة.

قالصليب إذن هو المفتاح

ستانلي جونس

في كتابه "المسيح في حلقات الدرس"

كتبت إحدى السيدات المنفيات في سبيل المسيح من حلقها النائي في أواسط آسيا تقول:

إنا نتعلم هنا أن نضع الأشياء الأولى وندير دفة أمورنا بحذر وثبات كي نصل إلى غرضنا الوحيد. وأظن أنه ينبغي لنا أن نعمل ذلك في سكون بالنسبة للعالم الخارجي حتى نستطيع أن نفعل شيئاً في هذا العالم الذي وضعنا الرب فيه. لأن لنا الحرية الآن أن نشهد للمسيح، ولكن هذه الحرية قد تؤخذ منا في أية لحظة؛ ولذا يجب أن نكون جد حريصين في استعمالها استعمالاً حسناً.

وهنا ألا يجوز لنا أن نسأل كشهود للمسيح ما هو الغرض الوحيد، ما هو جوهر رسالتنا والحق الأساسي الذي يجب علينا نشره؟ ما هي رسالتنا العظمى الخاصة والضرورية للعالم غير المسيحي؟ أليست هذه الرسالة واضحة في كلمات يوحنا المعمدان بشير العهد الجديد، أن ذلك الصوت الصارخ في البرية كان له رسالة واحدة "هوذا حمل الله".

حُرِم يوحنا حرية الشهادة ليسوع لمَّا أتم فيه سيف هيرودس القاسي عمله؛ ولكن بينما كان ليوحنا حريته كان يضع الأشياء الأولى أولاً.

في السنة الخامسة عشرة من حكم طيباريوس قيصر عندما كان بيلاطس البنطي حاكماً على اليهودية وهيرودس يحكم الجليل وكلٌ من فيلبس وليسياس يحكم على ربعه وحنان وقيافا يديران عبادة الهيكل والذبيحة اليومية، كان العالم الروماني في ثورة فكرية وقد تعددت الشيع وكثرت الأحزاب ونمت الفلسفات؛ ولكن جميعها لم تكن لتثبت على رجاء حي. ولذا أتت كلمة الرب إلى يوحنا في البرية، وما سمعه من الله جعل يردده صارخاً: "هوذا حمل الله".

إن عبارة "حمل الله" كلقب للمخلّص قد وردت مرتين في إنجيل يوحنا ومرة واحدة في رسالة بطرس الرسول الأولى. والكلمة "خروف"، الواردة في سفر الرؤيا لا أقل من 28 مرة، هي حمل أي خروف صغير. ودرس هذه العبارات يساعدنا على فهم قيمة هذا اللقب العظمى لدى يوحنا الحبيب الذي اتكأ على صدر يسوع وعرف، ربما أكثر من أي رسول آخر، سر محبة المسيح الفادية. إنا في شهادة يوحنا المعمدان للمسيح نرى أول ذكر ليسوع في قوله: "وفي الغد نظر (يوحنا) يسوع مقبلاً إليه فقال هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم"، "وفي الغد أيضاً" عند عبرة أو بيت عنيا وراء الأردن "كان واقفاً هو واثنان من تلاميذه فنظر إلى يسوع ماشياً فقال هوذا حمل الله".

على أن بطرس الرسول لا يستعمل هذا اللقب مباشرة بل في كلامه عن افتدائنا من الخطية فيقول: "إنكم افتديتم لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح". وفي رؤيا يوحنا الحبيب في بطمس نقدُم فجأة (5: 5و 6) إلى الأسد الذي من سبط يهوذا والذي هو أيضاً حمل الله: "ورأيت فإذا في وسط العرش والحيوانات الأربعة وفي وسط الشيوخ خروف قائم كأنه مذبوح". وقد خرت الأربعة الحيوانات والعشرون شيخاً أمام هذا الخروف (5: 8) وهم يترنمون ترنيمة جديدة مع ربوات ربوات وألوف ألوف الملائكة الذين يشتركون معهم قائلين بصوت عظيم: "مستحق هو الخروف المذبوح أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة" وكل خليقة تشترك في ترديد ترنيمة المجد للخروف.

ثم نقرأ أن الخروف فتح واحداً من الختوم السبعة فتتابعت أحكام الله بسرعة حتى صرخت الناس في خوف قائلين للجبال والصخور أن تسقط عليهم وتخفيهم عن غضب الخروف (6: 16). أما المفديون وهم جمع كثير لم يستطع أحد أن يعده، فقد وقفوا أمام العرش وأمام الخروف متسربلين بثياب بيض يرنمون له تسبحة الحمد لأن الخروف الذي في وسط العرش يرعاهم... ويمسح الله كل دمعة من عيونهم (7: 10و 17). وبعد ذلك بقليل نقرأ كيف أنهم غلبوا- في الموقعة الأولى ضد المشتكي على الأخوة- بدم الخروف (12: 11) ولأن أسماءهم مكتوبة في سفر حياة الخروف (13: 8). ثم نرى الخروف واقفاً على جبل صهيون (14: 1) والأطهار الذين لم يتنجسوا (مع النساء) يتبعونه لأنهم باكورة الذين اشتروا من بين الناس للخروف (14: 4)؛ أما الذين يسجدون للوحش فيعذبون أيضاً أمام هذا الخروف نفسه (14: 10)؛ والغالبون يرتلون ترنيمة الخروف (15: 3). أما العصاة فسيحاربون الخروف والخروف يغلبهم لأنه رب الأرباب وملك الملوك (17: 14). وبعد ذلك نسمع صوت جمع كثير في السماء مرنميم هللويا لأن عرس الخروف قد جاء "طوبى للمدعوين إلى عشاء عرس الخروف" (19: 7و 9). وفي الفصول الختامية نرى أن كل المجد قد أُعطي للخروف وهو حمل الله الذي يرفع خطية العالم. فالمدينة المقدسة هي "عروس الخروف"، والرسل هم "رسل الخروف"، والخروف هو هيكلها الوحيد (21: 22)، ولن يدخلها أحد "إلا المكتوبين في سفر حياة الخروف (21: 27)، ونهر ماء الحياة يخرج من عرش الله والخروف لأن عرش الله هو عرش الخروف (21: 1- 3) وهم سينظرون وجهه واسمه (اسم المسيح) على جباههم "وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم". فمن يستطيع أن يقاوم هذه البراهين المتراكمة من هذه العبارات ولا يقرّبان يسوع هو حمل الله ومخلص الخطاة، فادي العالم وملك المجد، ديان الجميع ورئيس الشعوب، واحد مع الآب في الجوهر ومساوٍ له في الذات والصفات.

على أن جميع هذه المعاني كانت مستترة في تلك العبارة التي فاه بها أولاً يوحنا المعمدان على شاطئ نهر الأردن عندما رأى ذلك الناصري الطاهر قد أُحصي- في عماده- مع أثمة لكنه مكلل بمجد وبهاء من السماء إذ قال الآب: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" (متى3: 17).

ويقيناً ما استعمل يوحنا المعمدان تلك العبارة ألا وهو عالم بمقدار أهميتها لدى سامعيه لأنه لم يكن يتكلم بألغاز بل أشار إلى المسيا من نوع النبوءة والرمز الوارد غالباً في اشعياء ص53 عن عبد يهوه الذي يحمل اثم جميعنا و "كشاة يساق إلى الذبح". وإن جَعْلَ هذه العبارة تشير إلى اتضاع المسيح دون ذكر ذبيحة كفارته إنما هو إخلال بكل العبارات المتشابهة كما لاحظ جوديت بقوله: لا شك أن الفارق العظيم الذي شعر به يوحنا المعمدان بينه وبين المسيح هو الذي قاده إلى تفضيل لقب المسيا هذا على جميع ألقاب المسيا التي وردت عنه في أسفار العهد القديم فقال: "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم". وأنه لأمر غريب أن يكون هذا اللقب- حمل- الذي عرف به يوحنا الحبيب يسوع للمرة الأولى هو نفس اللقب الذي فضل تلقيب المسيح به في سفر الرؤيا؛ فإن الوتر الذي كان قد اهتز في هذه الساعة الحاسمة في قرارة نفسه استمر في رنينه إلى آخر نسمة من حياته.

كيف لا وإن موسيقى هذا الوتر كان متناسقاً مع نفس تعاليم المسيح الأولية: إنه قد أتى "ليبذل نفسه فدية عن كثيرين"، و"كما رفع موسى الحية في البرية هكذا يرفع ابن الإنسان" على الصليب لأجل فدائنا. وفي عبادات الكنائس لا نرى اسماً آخر أكثر استعمالاً من قولهم مثلاً:

يا حمل الله ارفع خطايا العالمين امنحنا السلام

يا حمل الله رافع خطايا العالمين ارحمنا الخ.

وفي كتاب "الفردوس" للشاعر الكبير دانتي نسمع أصوات الأرواح ترنم لأجل العفو والمغفرة بنغم واحد وصوت واحد نفس هذه الكلمة "حمل الله".

إن يوحنا المعمدان يلفت الأنظار إلى شخص المسيح بقوله: "هوذا" مستعملاً ضمير الأفراد مع كثرة الحاضرين. وهكذا ينبغي لكل واحد منا أن ينظر شخصياً على يسوع لينتزع عنه خطأه الشخصي مع أنه يرفع خطية العالم "وهو كفارة ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً". لم يكن لدى يسوع الناصري ثياب ملكية ولا تاج ملكي إنما كان ابن نجار؛ ولكن يوحنا المعمدان رأى فيه مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً: إنه حمل الله. ونسبته لله نسبة أصلية، فالله أرسل ابنه والله يحب ابنه؛ وفي هذه الكفارة ليس الإنسان الذي يقدم بل الله نفسه الذي يقدم أحسن ما عنده.

قال بيلاطس البنطي "هوذا الإنسان" مشيراً إلى يسوع مكللاً بالشوك وآثار جلده المريع مغطاة بثوب الأرجوان. وقال يوحنا المعمدان عن يسوع بعد عماده وبدء خدمته مباشرة: هوذا الإنسان الذي هو حمل الله.

ومنذ تلك اللحظة إلى الآن والعالم ينظره لأنه يملآ آفاق التاريخ ولن يمكن إخفاؤه. ولكن الناس إما يتفرسون فيه ويبتعدون عنه، أو ينظرون إليه ويتبعونه إلى النهاية.

إن ستدارت كندي الشاعر والكاتب الإنكليزي ببعد نظر عميق يصف لنا يسوع كما يظهر لدى العصريين في هذه الأيام إذ يقول: "إنه يظهر محتقراً كما كان دائماً مع تلك الكنيسة الضعيفة التي صرخت قائلة أوصنا في يوم الأحد وهربت من بستان جشيماني في يوم الجمعة، التي تؤكد بشدة كبطرس ثم تنكره، التي تتشاجر عمن يكون أعظم وتظن أنه من التطرف أن تغسل أقدام التعابى. إنه مرذول كما كان دائماً، إنه نفس المسيح الذي جلس وثوب الأرجوان الوسخ يغطي ظهره الدامي من الجلد وتاج الشوك على مفرق جبينه وقصبة هزء- لا صولجان- في يده وبصاق العسكري السكران يسيل على خديه. إنه نفس المسيح ولكني أنا شخصياً أخاف منه، ورجال جيلنا العصريين وهم أشد بطشاً من الوحوش الكاسرة يخافون منه في قرارة قلوبهم لأن المسيح مزعج وقاهر، نخاف منه لأنه يستأصل منا الاعتماد على الذات ويقتل حدة الكبرياء، إنه يجعل الناس يجثون على أقدامهم أمامه ولا يعمل إنسان عاقل هذا للإنسان بل لله".

إنه الحمل الذي يدبره الله كفارة وذبيحة عن الخطية. وكما تعلمنا الرسالة إلى العبرانيين بكل جلاء أن لنا في يسوع إتمام كل تعاليم العهد القديم عن الدم الذي يكفر عن الخطية، فهو المرموز العظيم لجميع طقوس الذبائح وعبادات البشر، إنه حمل الله الذي هو مشتهى كل الأمم. وإن كاتب الرسالة إلى العبرانيين يتدرج بنا حتى يصل إلى نهاية مدهشة فيقيم مقارنة بين مجد جبل سيناء الذي أعطيت الشريعة الأدبية عليه والمجد الأعظم الذي أوجد من أجلنا على جبل صهيون فيقول: "بل قد أتيتم إلى جبل صهيون وإلى مدينة الله الحي أورشليم السماوية وإلى ربوات هم محفل ملائكة وكنيسة أبكار مكتوبين في السموات وإلى الله ديان الجميع وإلى أرواح أبرار مكملين وإلى وسيط العهد الجديد يسوع وإلى دم رش".

كيف يهب سفك الدم مغفرة الخطية؟ ما هو أصل الذبائح؟ من أين صار لها هذا الذيوع؟- إنا نرى في ديانات الشرقيين وفي العبادات الكفارية عند جميع الشعوب- ثلاثة معاني رئيسية في الكفارة وهي النيابة والرضاء والكفاية. وهذه المعاني تنطبق تماماً على ذبيحة المسيح على الصليب: فالمسيح مات نيابة عنا كما مات الحمل نيابة عن اسحق على جبل المريا؛ وموت المسيح أدى ذلك الرضا عن الخطية وأرضى العدل واشترى العفو كما فعل رش الدم على القائمتين عندما قتل الملاك المهلك أبكار المصريين؛ وموته كفايةٌ لأنه لن يموت بعد بل أتم على الصليب بتقدمته الواحدة "ذبيحة تامة كاملة كافية وتقدمة ورضاء عن خطايا كل العالم.

ويعطينا الدكتور ترمبل في بحثه الشيق عن عهد الدم عند العرب مختصراً مفيداً عن تعاليم الشرقيين الأولين مع مقابلات عديدة من أسفار العهد القديم مبيناً أنه بدون سفك دم لا تحصل- في نظر أولئك القوم- مغفرة ولا صلح داخلي. ولكي نفهم ما عناه يوحنا عندما دعا يسوع "حمل الله" ينبغي لنا أن نقرأ الأسفار التي هي حجر الزاوية لتعاليم العهد الجديد.

والفصح عند اليهود لا يكسر عظم من عظامها. ويوحنا الحبيب هو الذي يشير إلى هذا التفصيل في إتمام النبوءة في وقت الصلب (يو19: 36) وقد رأى على الصليب حمل الله الذي يرفع خطية العالم.

إن بشارتنا للعالم أجمع مستترة في هذه الجملة القصيرة "هوذا حمل الله". لقد أخفى الله ذلك عن العظماء والحكماء ولكنه أعلنه للأطفال؛ فالطالب يجد الجواب الشافي لجميع مشاكله عندما يأتي إلى الصليب ويتفرس في المصلوب.

يقول الرئيس فورسيث "إن الرسل في كل الأدوار لم يفصلوا المصالحة مع الله عن الصليب ودم يسوع المسيح. وإذا نحن فصلناها (وكثيرون يفعلون ذلك اليوم) فإنا نطرح العهد الجديد في اليم. إن الآفة المهلكة في هذه الأيام التي قال عنها أنها أكثر روحانية ما هي إلا محاولة لهدم العهد الجديد ومعه حقيقة المسيحية. إن المنتقدين العصريين والناس الذين يقولون بالفلسفة العالمية والدهريين ومناجي الأرواح هم قوم يرمون عمداً في اليم العهد الجديد بأكمله رغماً عن تقديرهم الشديد لبعض أجزائه".

وعندما يتحدث الناس عن إصلاح نظم الاجتماع العتيقة أو نقل الحياة من النجاسة إلى القداسة دون الصليب فإنهم يتبعون سراباً خدَّاعاً. أجل يصح لنا أن نتفاءل عندما نرى إتمام قصد نعمة الله للعالم ونشاهد فرصاً جديدة وعصوراً حديثة. ولكن عندما جاء يوحنا المعمدان يكرز بالتوبة كان أيضاً قد جاء ملء الزمان؛ فإن انقلابات عظيمة كانت تحدث وقتئذ في جميع أجزاء الإمبراطورية الرومانية بل وفي نفس الكنيسة اليهودية، وكان استعداد كلي وتوقع عظيم لظهور مسيا إذ كان قد عم يأس عميق من النظام العتيق؛ ولكن يوحنا افتتح ذلك العصر الجديد بإعلان فداء جديد: "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم".

نحن نريد فداءً من النظام العتيق ولكن ينبغي أن يكون ذلك الفداء بالدم- دم حمل الله رافع خطية العالم.

إن صليب المسيح هو رجاء العالم الوحيدة؛ وخطرنا الداهم هو أن نصرخ: هوذا الفرصة الجديدة، هوذا أنظمتنا الجديدة، هوذا إخاؤنا الجديد؛ وننسى أن نصرخ "هوذا حمل الله".

توجد صورة عجيبة للمسيح على الصليب كرجاء العالم الوحيد يظهر فيها بألوان زاهية شيء من كفاية الفداء وعموميته بطريقة واضحة. وإليكم قصة هذه الصورة الغريبة: "إن بلاتر هيروني الذي تلقى علومه في مدرسة للمرسلية السويدية في أيام الحرب وأعدّ ترجمة جديدة للعهد الجديد باللسان الأمهري وكان أحد رؤساء المحكمة المختلطة في بلاد الحبش كان قد ارتقى في مناصب الدولة حتى أُرسل مندوباً عن الحبشة ليمثلها في معاهدة فرسال. وإذ كان هنالك يتأمل في مستقبل السلام العالمي خطر في فكره أن ذلك لن يتم إلا بذبيحة المسيح الوحيدة، وهكذا تصور عقله الحبشي كيفية إظهار هذه الفكرة بريشة المصور رمزياً. ثم بحث عن فنان باريسي وأوحى إليه رأيه، وكانت النتيجة هذه الصورة الشهيرة للصليب جدّ غريبة في فكرتها وحقيقية في معناها بل جدّ جذابة في رسالتها قاهرة في مبناها، إذ نجد المخلص معلقاً على صليب يستقر على نصفي الكرة الأرضية بين الشرق والغرب ووراءه السماء جد مكفهرة قاتمة وقد حطت حول رأس المتألم المكللة بإكليل الشوك هالة مجده العتيد وهو ينظر إلى كلا العالمين اللذين مات لأجلهما؛ وقطرات الدم السائلة من يديه المثقوبتين قد صَبغت جميع القارات والجزائر بلون الدماء القاني. "صبغة الله، وما أحسنها صبغة!" هذه الصورة هي حقيقة رؤيا كل العالم المفدي بدم المسيح إذ نقرأ في أسفلها ما كتبه المصور في ثلاث لغات:

"هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية".

  • عدد الزيارات: 6538