Skip to main content

العلاج لحالة الإنسانية الساقطة

إن العلاج الوحيد لحالة الإنسان الساقطة هو بر الله الذي ظهر في المسيح يسوع وهذه كلمات بولس الرسول إذ يقول: "لأنه بأعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرر أمامه، لأن بالناموس معرفة الخطية... وأما الآن فقد ظهر بر الله بدون الناموس مشهوداً له من الناموس والأنبياء، بر الله بالإيمان بيسوع المسيح إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون لأنه لا فرق إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله. متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله لإظهار بره في الزمان الحاضر ليكون باراً ويبرر من هو من الإيمان بيسوع". (رومية 3: 20 _ 26).

سادساً: الخلاص ليس بالأعمال الصالحة حتى لا يكون هناك مجال لافتخار الإنسان:

لو كان الخلاص بالأعمال الصالحة لاشتراه الغني بحسناته وصدقاته، ولحرم منه الفقير والمسكين.

لو كان الخلاص بالأعمال الصالحة، فالإنسان يستطيع الافتخار بأنه استطاع أن يدخل الحياة الأبدية بمجهوده لكن الكتاب المقدس يغلق الطريق أمام كل إنسان يتكل على أعماله الصالحة..... يقول بولس الرسول "بالنعمة أنتم مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد" (أفسس 2: 8_ 9). إذاً لا مجال للافتخار بالأعمال الصالحة أمام الله.

إن المسيح له المجد قال لتلاميذه "ومن منكم له عبد يحرث أو يرعى يقول له إذا دخل من الحقل تقدم سريعاً واتكئ. بل ألا يقول له أعدد ما أتعشى به وتمنطق واخدمني حتى آكل وأشرب وبعد ذلك تأكل وتشرب أنت. فهل لذلك العبد فضل لأنه فعل ما أمر به لا أظن. كذلك أنتم أيضاً متى فعلتم كل ما أمرتم به فقولوا إننا عبيد بطالون. لأننا إنما عملنا ما كان يجب علينا" . (لوقا 17: 7 _ 10).

قد أرانا الرب أن الافتخار الكاذب بالأعمال الصالحة في حضرة الله لا يمكن أن يبرر الإنسان عندما قدم لنا هذا المثل. "وقال لقوم واثقين بأنفسهم أنهم أبرار ويحتقرون الآخرين هذا المثل. إنسانان صعدا إلى الهيكل ليصليا واحد فريسي والآخر عشار أما الفريسي فوقف يصلي في نفسه هكذا: اللهم أنا أشكرك إني لست مثل باقي الناس الخاطفين الزناة ولا مثل هذا العشار أصوم مرتين في الأسبوع وأعشر كل ما أقتنيه أما العشار فوقف من بعيد لا يشاء أن يرفع عينيه إلى السماء. بل قرع على صدره قائلاً الملهم ارحمني أنا الخاطئ. أقول لكم إن هذا نزل إلى بيته مبرراً دون ذاك. لأن كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع". (لوقا 18: 9 _ 14).

إن الله يكره المتكبر الذي يفتخر بنفسه. لكن الذي يريد أن يفتخر فليفتخر في الرب.

"هكذا قال الرب لا يفتخرن الحكيم بحكمته ولا يفتخر الجبار بجبروته ولا يفتخر الغني بغناه بل بهذا ليفتخرن المفتخر بأنه يفهم ويعرفني أني أنا الرب الصانع رحمة وقضاء وعدلاً في الأرض لأني بهذه أسر يقول الرب". (أرميا 9: 23 _ 24).

فالافتخار يجب أن يكون بما عمله الرب على الصليب كقول بولس الرسول "وأما من جهتي فحاشا لي أن افتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح". (غلاطية 6: 14).

سابعاً: الخلاص ليس بالأعمال الصالحة، لأنه إن استطاع أحد أن يخلص بأعماله الصالحة فالمسيح إذاً مات بلا سبب:

إن موت المسيح على الصليب هو إعلان صريح وواضح بأنه لا يستطيع أحد أن يخلص بأعماله الصالحة. قبل الأزمنة الأزلية عرف الله إن الإنسان سيسقط في الخطية بالعصيان. وقبل الأزمنة الأزلية ارتضى يسوع المسيح ابن الله الأزلي أن يقوم بعمل الفداء.

وفي ملء الزمان جاء المسيح "آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس. وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب" (فيليبي 2: 7 _ 8) وبواسطة دم المسيح المسفوك على الصليب ينال كل من يؤمن بيسوع المسيح الغفران. ونصوص العهد الجديد تؤكد هذا الحق. قال بولس الرسول: "الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا حسب غنى نعمته" (أفسس 1: 7) وقال يوحنا الرسول "أكتب إليكم أيها الأولاد لأنه قد غفرت لكم الخطايا من أجل اسمه" (1 يوحنا 2: 12). وقال بطرس الرسول "وليس بأحد غيره الخلاص لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص" (أعمال 4: 12).

يا أخي ويا أختي ويا أحبائي لا تتكلوا على أعمالكم الصالحة بل على عمل المسيح الذي أتمه على صليب الجلجثة إذ قد حمل خطايانا في جسده على الصليب. وهذا ما تنبأ عنه أشعياء النبي (قبل موت المسيح بسبعمائة سنة) بقوله: "وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا. كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه إثم جميعنا". (أشعياء 53: 5 _ 6)، فتعال إليه الآن واسمع نداءه الصريح للخطاة والمتعبين "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم". (متى 1: 28).

والآن دعني أقص عليك قصة واقعية عن سيدة تغيرت حياتها حين دخل المسيح قلبها.

كانت هيلين الابنة الوحيدة لرجل غني يملك الملايين، وعندما بدأت تتعرف على الحياة وجدت نفسها تستمتع بكل شيء.... لم تطلب شيئاً من أبيها إلا وأحضره لها، ولم تحلم بشيء إلا وحققه ليفرحها. لقد جاءت إلى العالم وفي فمها كما يقال ملعقة من ذهب.

أنهت هيلين دراستها الجامعية، ولكن خلال دراستها في الجامعة تشعبت بالكثير من الأفكار الإلحادية، وبدأت هذه الأفكار تعبث بعقلها وتنحرف بها بعيداً حتى وصلت بها أخيراً إلى إنكار وجود الله.

من هذا المنطلق بدأت حياتها تتدهور، وكان أول ما فعلته أنها تمردت على إرادة أبيها وتزوجت من شاب لا أخلاق له. رغم معارضة أبوها على هذا الزواج. ولم يستمر زواجها من هذا الشاب طويلاً إذ طلقته، وتزوجت للمرة الثانية ثم الثالثة، ثم للمرة الرابعة. وقادها هذا الفشل في زيجاتها المتكررة إلى الخمر، والمخدرات ظانة أنها بهذا تستطيع أن تغرق فشلها وخيبة آمالها في ملذات وقتية ومدمرة.

لكن الخمر لم تعالج همومها وفشلها وعقلها المضطرب ونفسها الحائرة والمخدرات التي كانت تتناولها كانت تعطيها إحساساً كاذباً بالفرح إلى حين، فإذا أفاقت من أحلامها الوقتية وجدت التعاسة تربض داخل قلبها لتجد نفسها مرة أخرى تطلب المزيد من المخدرات وهكذا دواليك.

اهتزت شخصيتها وتدهورت حياتها واضطرب عقلها أكثر وأكثر وفقدت كل مقومات حياتها. لقد ظنت هيلين أنها ستجد سعادة نفسها وراحة قلبها في إنكار وجود الله، وفكرت أن الإغراق في الملذات وتعاطي المخدرات سيشبعها ويروي ظمأ نفسها الضائعة، لكنها على العكس وجدت أن البحث عن السعادة في كل الأمور يفضي بها إلى طريق مسدود.

وقررت هيلين الانتحار، لتتخلص نهائياً من الحياة. فلا ملايين أبيها ولا الخمر المعتقة ولا المخدرات استطاعت أن تهبها سلام القلب وفرح النفس وطمأنينة الحياة. جلست وحدها تراجع حياتها، ملايين أبيها كلها تحت أمرها، لكن المال لم يشبعها.

زيجاتها الأربعة لم تمنحها السعادة...

الخمر والمخدرات تركت تأثيراً عميقاً على شخصيتها وهزت كل قيم الحياة أمامها. لم يبق للخروج من تعاستها وحيرتها واضطرابها إلا باب الانتحار. وقررت أن تنتحر على أن يبدو انتحارها موتاً طبيعياً.

لكن كيف؟

هل تركب سفينة وتلقي بنفسها في اليم في غفلة من الناس فيحسب موتها حادثاً مؤسفاً؟! هل تنقطع تماماً عن الطعام عدة أيام؟

هل تتناول كمية كبيرة من المخدر؟

ودق جرس التلفون.

كانت التي تتكلم من الجانب الآخر صديقة شاركتها الكثير من مجونها، لكنها تعرفت بالمسيح الذي غير حياتها تماماً، وفكرت بعد أن اختبرت قوة المسيح في تغيير الحياة أن تقدم المسيح لصديقتها هيلين وطلبت منها موعداً للقاء دون أن تخبرها عن قصدها.

أعطتها هيلين موعداً، وذهبت "كارولين" لزيارة هيلين وما كادت تراها حتى أدركت مدى يأسها وفداحة الخطر الذي يحيط بها. ولم تضع كارولين وقتاً في حديث فارغ بل بدأت على الفور في تنفيذ هدفها الأساسي. قالت كارولين: "هيلين أنت تعرفين أنني شاركتك في كثير من المجون. سكرنا معاً ورقصنا معنا في اللاهي مع شبان كثيرين حتى تدهورت حياتنا ووصلنا إلى الحضيض وأنكرنا وجود الله لكنني سمعت عن يسوع المسيح يا هيلين في يوم كنت أشعر فيه بالضياع والتعاسة والشقاء. قرأت لي صديقة تعرف المسيح، واختبرت قوته، كلمات المسيح في انجيل يوحنا "الحق الحق أقول لكم إن كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية.. فإن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً" (يوحنا 8: 34 و 36).

أنا أعرف أن الخطية تستعبدني فعلاً فأنا لم أعد حرة في ميولي. الخطية كانت تحرك في شهواتي الجسدية تعبث بي في ميولي المنحرفة تتسلط علي حتى احتقرت نفسي. وكنت أعرف أن عبوديتي للخطية هي سبب شقائي وتعاستي فمن لي بمن يحررني من سلطة وسيادة الخطية على حياتي؟ وتجسدت أمامي كلمات يسوع "إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً". هو إذاً القادر أن يحررني. هو إذاً المخلص العظيم. وقرأت أيضاً لي صديقتي نبوة عن المسيح من أشعياء النبي "روح السيد الرب عليّ لأنه مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأعصب منكسري القلوب لأنادي للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق". (أشعياء 61: 1) وقالت لي صديقتي المؤمنة إن كل ما عليّ أن أعترف للرب بخطاياي، وأفتح للمسيح قلبي ليدخل هذا القلب المسكين ويغير حياتي. قرأت لي صديقتي كلماته الحلوة "هاأنذا واقف على الباب وأقرع إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي" (رؤيا 3: 20) وفعلت يا هيلين كما قالت لي صديقتي فتحت للمسيح باب قلبي وقلت له ترنيمة علمتني إياها صديقتي.

ادخل قلبي ادخل قلبي ادخل قلبي يا ربي

تعال اليوم بالحب وادخلن قلبي يا ربــــي

ودخل المسيح قلبي بالإيمان..... وغيّر حياتي ..... حررني من آثامي وخطاياي... وغفر جميع ذنوبي.

امتلأت فرحاً وسلاماً وبهجةً.

هذا هو الحل الصحيح لمشاكلك يا هيلين.

أصغت "هيلين" بكل اهتمام... كانت كالغريق البائس يبحث عن خشبة يتعلق بها تنقذه من الغرق. وبدموع غزيرة ركعت هيلين في محضر الرب وقبل أن تنطق بكلمة التفتت إلى كارولين وقالت: ولكنني أنكرت وجود الله. وأجابتها كارولين هذا كان من فرط جهلك، كنت أنا أيضاً مثلك، كنت جاهلة لأنه "قال الجاهل في قلبه ليس إله". (مزمور 53: 1) لكنك إذا عزمت على التوبة الصادقة عن خطاياك، واعترفت لله بآثامك، وفتحت ليسوع المسيح قلبك فإنه يتغاضى عن أيام جهلك. "فالله يأمر الآن أن جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا متغاضياً عن أزمنة الجهل" (أعمال 17: 30).

رفعت هيلين صوتها معترفة بخطاياها وشرها وفساد قلبها وطلبت من الرب يسوع أن يدخل قلبها.

دخل المسيح بالإيمان قلبها. وصارت بدخوله إلى قلبها ابنة لله. "لأن كل الذين قبلوه، أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه. الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله" (يوحنا 1: 12 _ 13).

صارت هيلين خليقة جديدة. "لأنه إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً" (كورنثوس 5: 17).

مع حلول المسيح بالإيمان في قلب هيلين ملأ الفرح السماوي قلبها، وتغيرت نظرتها للحياة، وتابت تماماً عن آثامها وهي الآن تعيش في إحدى مدن ولاية كاليفورنيا وقد خصصت حياتها وبيتها وما لها للمناداة برسالة الإنجيل لتجد النفوس اليائسة المكبلة بقيود الخطية في المسيح ما وجدته هي من الحرية وفيض البهجة والفرح والسلام.

هل تناولت كأس خلاص الله؟

هل دخل المسيح قلبك؟

هل تيقنت تماماً من غفران خطاياك؟

هل اسمك مكتوب في سفر الحياة؟

افتح للمسيح قلبك اليوم

لأنه "هوذا الان وقت مقبول هوذا الآن يوم خلاص" (2 كورنثوس 5: 2)

قد يقول قائل: هل يعني أن العمال الصالحة لا مكان لها في حياة المؤمن بالمسيح؟

ونجيب يقيناً لا... إن للأعمال الصالحة مكانها الجوهري في حياة المؤمن فهي الثمر الذي يجب أن يظهر في حياته بعد تجديده كما يقول بولس الرسول "لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها" (أفسس 2: 10)

بعد أن قال بولس الرسول "بالنعمة أنتم مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم بل هو عطية الله ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد" (أفسس 2: 8 و 9)، قال أيضاً لأننا "مخلوقين لأعمال صالحة" فالخلاص وإن كان من مجرد نعمة الله، وليس بالأعمال الصالحة، لكنه يثمر في حياة المؤمن بالمسيح أعمالاً صالحة قد سبق الله فأعدها ليسلك المؤمن فيها. وقد قرر بولس هذا الحق بكلماته "لأنه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئاً ولا الغرلة بل الإيمان العامل بالمحبة". (غلاطية 5: 6).

فالإيمان الحي هو الإيمان العامل.

الإيمان الحي هو الإيمان المثمر.

إنه الإيمان العامل بالمحبة. فالمحبة للمسيح هي الدافع الرئيسي للأعمال الصالحة. إنه ليس مجرد معرفة عقلية، ولا مجرد عقيدة ورثناها عن الآباء.... لكنه اختبار شخصي حقيقي يختبره الشخص الذي يقبل الرب يسوع المسيح مخلصاً لنفسه.

لذلك كتب أحدهم الترنيمة الحلوة المعبرة عن هذه الحقيقة فقال:

صالح الأعمال ذا ثمر الإيمـان

لازم لكنـــه ما به غفران

فيا صديقي الحبيب تعال إلى المسيح ... افتح له قلبك وستتغير بقبوله كل اتجاهات حياتك.

  • عدد الزيارات: 3651