كأس الخلاص أتناول
في المزمور المائة والسادس عشر نقرأ الكلمات "ماذا أرد للرب من أجل كل حسناته لي. كأس الخلاص أتناول وباسم الرب أدعو". (مزمور 116: 12 _ 14)
ويعجب القارئ من تصرف كاتب المزمور، فهو يسأل: ماذا أرد للرب من أجل كل حسناته لي؟ ويجيب: آخذ كأس الخلاص من يده وباسمه أدعو... وكان الرد على حسنات الله المتعددة هو أخذ أعظم حسناته وهي كأس الخلاص".
وماذا يا ترى يجد من يتناول كاس الخلاص؟
أن كأس الخلاص مملوءة بمزيج من بركات الرب واحساناته.
فيها أولاً بركة الخلاص من عقاب الخطية
وفيها ثانياً بركة الخلاص من قوة الخطية وسلطانها وسيطرتها.
وفيها ثالثاً بركة الخلاص من وجود الخطية وتأصلها فينا وهذا أمر سيتم في المستقبل حين يأتي الرب يسوع المسيح ثانية لاختطاف المؤمنين.
فحين تتناول كأس الخلاص بقبول عمل المسيح النيابي على الصليب بدلاً عنك تخلص أولاً من عقاب الخطية وهذا يعني غفران خطاياك.
والغفران هو البركة التي لو تمتع بها يهوذا لأضحى في مكان بطرس الرسول، ولو حرم منها بطرس الرسول لأضحى في مكان يهوذا.
والغفران يعني أن الله يمحو جميع خطاياك "قد محوت كغيم ذنوبك وكسحابة خطاياك" (أشعياء 44: 22).
إن الخطية كالغيم تحجب عنا وجه الله، وكسحابة تحرمنا من التمتع بنوره، وعندما يغفر الله خطاياك فهذا يعني بأنه يمحوها لترى نور وجهه الكريم.
والغفران يعني أن الله يطرح في أعماق البحر جميع خطاياك "يعود يرحمنا يدوس آثامنا وتطرح في أعماق البحر جميع خطاياهم" (ميخا 7: 19). أي إن الله يخفي خطاياك من الوجود إلى الأبد.. فالشرور التي أزعجت ضميرك، وأقلقت راحتك تغوص في أعماق البحر ولا يراها أحد.
والغفران يعني أن الله يبعد عنك خطاياك كبعد المشرق من المغرب "كبعد المشرق من المغرب أبعد عنا معاصينا" (مزمور 13: 12) هذا يعني أنك لن تتألم من عقدة الذنب، لأن الله يحررك من الإحساس بثقل الخطية وفظاعتها فتعيش حياة خالية من العقد.
والغفران يعني أن الله يغسلك من قذر خطاياك، "الذي أحبنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه" (رؤيا 1: 5) الخطية قذر يحتاج إلى الغسل، ودم المسيح وحده هو الذي يغسلك من قذارة خطاياك.
والغفران يعني أن الله يطهر قلبك من كل خطية "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" (1 يوحنا 1: 9) هل لاحظت ماذا يقول يوحنا. إنه يقول إن الله "أمين" بمعنى أنه يكتم سرك فلا يذيعه لأحد وهو أيضاً "عادل" لأنه قد دفع أجرة خطاياك بموته النيابي على الصليب. "البار مات لأجل الفجار". فإذا اعترفت بخطاياك لله فلن يسمع بها أحد وعلى أساس دم الصليب يطهرك الله من كل خطية.
"أن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية" (1 يوحنا 1: 7).
أذكر أن دم يسوع المسيح لا يطهرك من بعض خطاياك بل من "كل خطية". فحين تتناول "كأس خلاص الله" تخطى بالغفران، الذي اشتراه لك المسيح بموته، وتفهم كلمات يوحنا الرسول. "أكتب إليكم أيها الأولاد لأنه قد غفرت لكم الخطايا من أجل اسمه" (1 يوحنا 2: 12). وهنا يمتلئ قلبك بالفرح والسعادة والسلام لأنه "طوبى للذي غفر إثمه وسترت خطيته. طوبى لرجل لا يحسب له الرب خطية ولا في روحه غش" (مزمور 32: 1 و 2).
وحين تتناول كأس الخلاص بقبولك المسيح مخلصاً لنفسك وربا على حياتك يحررك الرب من عقاب الخطية. وهذا يعني أنك تولد من جديد، تولد ميلاداً ثانياً. وهذا ما يقرره الرسول بولس بكلماته. "لأننا كنا نحن أيضاً قبلاً أغبياء غير طائعين ضالين مستعبدين لشهوات ولذات مختلفة عائشين في الخبث والحسد ممقوتين مبغضين بعضنا بعضاً ولكن حين ظهر لطف الله وإحساسه لا بأعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس. الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا" (تيطس 3: 3 _ 6).
لقد ورثت الطبيعة الساقطة من أبيك آدم الساقط والآن عندما تقبل المسيح المخلص يهبك الله طبيعة جديدة بثقتك الكاملة وإيمانك الكامل في شخص المسيح، "لأن كل الذين قبلوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه". (يوحنا 1: 12).
يقول الرب يسوع لنيقوديمس المتدين. "الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله. المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح" (يوحنا 3: 3)، فالروح القدس يهبك الطبيعة الجديدة ويهبك أيضاً القدرة على الحياة المنتصرة.
وحين تتناول كأس الخلاص تتيقن من أن الرب يسوع حين يأتي ثانية سيغير جسدك ليكون على صورة جسد مجده "لأن هذا الفاسد لا بد أن يلبس عدم فساد وهذا المائت عدم موت". فعندما نتغير عند مجيء المسيح لا بد أن نتخلص تماماً من وجود الخطية الموروثة فينا من آدم. "لأن سيرتنا نحن هي في السموات التي منها أيضاً ننتظر مخلصاً هو الرب يسوع المسيح. الذي سيغير جسد شكل تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء" (فيليبي 2: 20 _ 21).
لقد جاء المسيح مولوداً من العذراء مريم ليخلصنا بموته النيابي من عقاب الخطية وسلطانها. وسيأتي ثانية ليخلصنا بقدرته من جسد الخطية "هوذا سر أقوله لكم لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير في لحظة في طرفة عين عند البوق الخير فإنه سيبوق فيقام الأموات عديمي فساد ونحن نتغير". (1 كورنثوس 15: 51 _ 52). ثم يقول أيضاً: "أيها الأحباء الآن نحن أولاد الله ولم يظهر بعد ماذا سنكون ولكن نعلم أنه إذا أظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو" (1 يوحنا 3: 2).
- عدد الزيارات: 5909