الفصل الرابع
القراءة من الكتاب المقدس
"أمّا شاول فكان لم يزل ينفث تهدداً وقتلاً على تلاميذ الرب. فتقدم إلى رئيس الكهنة وطلب منه رسائل إلى دمشق إلى الجماعات, حتى إذا وجد أناساً من الطريق رجالاً أو نساءً يسوقهم موثقين إلى أورشليم. وفي ذهابه حدث أنه اقترب من دمشق, فبغتةً أبرق حوله نورٌ من السماء. فسقط على الأرض وسمع صوتاً قائلاً له, شاول شاول لماذا تضطهدني. فقال, من أنت يا سيد. فقال الرب, أنا يسوع الذي أنت تضطهده. صعبٌ عليك أن ترفس مناخس. فقال وهو مرتعد ومتحيّرٌ, يا رب ماذا تريد أن أفعل. فقال له الرب, قم ادخل المدينة فيُقال لك ماذا ينبغي أن تفعل. وأما الرجال المسافرون معه فوقفوا صامتين يسمعون الصوت ولا ينظرون أحداً. فاقتادوه بيده وأدخلوه إلى دمشق. وكان ثلاثة أيام لا يبصر, فلم يأكل ولم يشرب.
وكان في دمشق تلميذ اسمه حنانيا. فقال له الرب في رؤيا, يا حنانيا , فقال, هأنذا يا رب. فقال له الرب, قم واذهب إلى الزقاق الذي يقال له المستقيم واطلب من بيت يهوذا رجلاً طرسوسياً اسمه شاول" (أعمال9: 1-11)
"فمضى حنانيا ودخل البيت ووضع عليه يده وقال, أيها الأخ شاول قد أرسلني الرب يسوع الذي ظهر لك في الطريق الذي جئت فيه لكي تبصر وتمتلئ من الروح القدس. فللوقت وقع من عينه شيء كأنه قشور فأبصر في الحال وقام واعتمد. وتناول طعاماً فتقوّى. وكان شاول مع التلاميذ في دمشق أياماً. وللوقت جعل يكرّز في المجامع بالمسيح أن هذا هو ابن الله" (أعمال9: 17-20).
لو لم يكن الخلاص رائعاً لمل شهد له الملائكة والأنبياء والرسل والقديسون. ولو لم يكن الخلاص رائعاً لما كتب المرنّم قائلاً: تمّ الخلاص هللويا رنمّوا لربنا يسوع. ولو لم يكن الخلاص رائعاً لما خصّصْتُ للموضوع أربعة فصول متتالية. ففي الفصل الأول, قلنا إنّ الخلاص ربّاني ومجاني. وفي الثاني, قلنا أنه عمومي وخصوصي. وفي الثالث, قلنا إنه فوري وجذري. وفي هذا الفصل سيدور البحث حول النقطتين الأخيرتين, الأولى, هي أنّ الخلاص رائع لأنه ثوري. والثانية, هي أنّ الخلاص رائع لأنه دهري.
ماذا نقصد بالخلاص الثوري؟ المقصود هو أن خلاص المسيح يقلب أوضاع الإنسان الداخلية رأساً على عقب. أي إن تغييراً كبيراً يطرأ على حياة الإنسان المخلَّص, وهذا التغيير يكون ظاهراً للجميع من خلال المواقف والتصرفات والأعمال. فإن كان الإيمان لا يغيّر الإنسان فما نفع الإيمان؟
تلجأ بعض الديانات البشرية إلى استمالة الناس إليها, إمّا من طريق المال, وإمّا من طريق الوعود والكلمات المعسولة, ولكنّ شيئاً لا يتغيّر في حياة أولئك الناس. فالكاذب والحقود حقوداً والسارق سارقاً والزاني زانياً والحسود حسوداً والسكّير سكّيراً والمزواج مزواجّاً, وهكذا دواليك. ولكن خلاص الرب يُجري معجزة داخلية في القلب ويغيّر الحياة بصورة دائمة, بحيث يتحوّل النجيس إلى قديس والفاجر إلى طاهر واللدود إلى ودود. بكلمة أخرى, يصير الذئب حملاً تماماً كما حصل مع شاول الطرسوسي, المدوّنة قصته في أعمال9 وهو الإصحاح الذي تصدّر هذا الفصل. وهذا أكبر برهان على قدرة الله الخارقة, وعلى قوة صليب المسيح وقيامته من بين الأموات. ومتى تم هذا التغيير كانت النتيجة على النحو التالي:
أولاً: تحل المحبة مكان البغضة.
يقول بولس الرسول الذي كان اسمه شاول الطرسوسي في رومية5: 5: "إنّ محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا." أي إنّ محبة الله لا تأتي بمعيّة الولادة الجديدة إلى المؤمن المخلّص, وإلاّ فكيف يقدر المؤمن أن يحب القريب والغريب حتى العدو؟ أليست هذه ثورة من عمل الله؟
ثانياً, يحلّ الفرح مكان الكآبة.
فالفرح كالمحبة من ثمار الروح القدس. لذلك لا غرابة في أن نقرأ في أعمال8 أنّ الوزير الحبشي الذي آمن على يد فيلبّس المبشّر "ذهب في طريقه فرحاً." ولا غرابة أيضاً في أن يخبرنا الوحي في سفر أعمال الرسل الإصحاح16 أنّ سجّان فيلبي "تهلل مع جميع بيته إذ كان قد آمن بالله", مع العلم أن هذا السجّان نفسه كان في الليلة ذاتها مزمعاً أن ينتحر. فما الذي أجرى هذا الانقلاب, وهذه الثورة في حياته؟ شيء واحد يدعى الخلاص. والخلاص هو بالمخلّص يسوع المسيح لا سواه.
ثالثاً, يحلّ السلام مكان الخوف والخصام.
تقول كلمة الله في رومية5: 1: "إذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح." وهذا السلام ليس فقط سلاماً بين الإنسان وخالقه, بل أيضاً بين الإنسان وأخيه, وبين الإنسان ونفسه. فالاغتراب يتحول إلى اقتراب والانقسام يتحول إلى وئام وسلام, ومن دون هذا السلام لا يقدر المرء أن يواجه الموت بثقة وطمأنينة. قال سمعان الشيخ لمّا رأى الطفل المخلّص في الهيكل وحمله على ذراعيه: "الآن تطلق عبدك يل سيّد حسب قولك بسلام, لأنّ عينيّ قد أبصرتا خلاصك."
رابعاً, يحلّ الرجاء مكان اليأس.
الإنسان من دون المسيح هو مسكين. يذكّر بولس المؤمنين في أفسس بماضيهم قبل نوال الخلاص فيقول لهم: "كنتم بدون مسيح...لا رجاء لكم..." ولكنه يعود فيذكّرهم بما فعله الرب في حياتهم فيقول: "ولكن الآن في المسيح أنتم البعيدين صرتم قريبين بدم المسيح." فالفضل في هذا التغيير هو للرب الذي صُلب وقام لأجلهم ولأجلنا. يقول بطرس الرسول في الإصحاح الأول من رسالته الأولى, إنّ الله "من أجل رحمته الكثيرة وُلدنا ثانية لرجاء حيّ بقيامة يسوع المسيح من الأموات."
خامساً, تحلّ الغلبة مكان الهزيمة.
فالإنسان من دون الإيمان الحقيقي بالرب يعيش مغلوباً من عاداته وطباعه وأنانيته, ولكن في المسيح يصير غالباً منتصراً. يقول بولس للمؤمنين في رومية: "فإنّ الخطية لن تسودكم لأنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة." وهذا يعني أن المغلوب يتحرّر من الخطية ويصير لسان حاله: "أستطيع كل شيء في المسيح يسوع الذي يقوّيني."
عزيزي القارئ, إن كنت تعيش في حالة من البغضة واليأس والخوف والكآبة فهذا أكبر برهان على أنك لم تختبر الخلاص, وأكبر برهان على أنك في حاجة إلى المسيح "الذي ليس بأحد غيره الخلاص." اصرخ إليه الآن واذكر "إن الرب قريب من الذين يدعونه بالحق."
النقطة الثانية, هي أنه رائع لأنه دهري.
أي أنّ خلاص المسيح هو خلاص دائم دوام الأبدية. فهو ليس لسنة أو عشرة أو مئة بل مدى الدهر والأبد. وهذا يعني أنه يختلف عن كلّ إنقاذ آخر. ففي بعض الأحيان نسمع أو نقرأ عن وضع سياسي متدهور في بلدنا. وفي هذه الحالة يدور البحث عن شخص يترأس حكومة يسمونها حكومة إنقاذ أو حكومة خلاص. وأحياناً يأتي الخلاص المتوقّع وأحياناً أخرى لا يأتي, ولكن حتى عندما يأتي فالخلاص لا يدوم طويلاً. ولهذا تتغيّر الحكومات والزعامات شهراً بعد آخر وسنة بعد أخرى. والشيء عينه يصحّ على الإنقاذ العسكري والإنقاذ الاقتصادي وغير ذلك. لأن كل ما يفعله البشر إنما هو وقتي. أما خلاص الرب فإلى الدهر والأبد. ولهذا ينال المؤمن الحياة الأبدية. وهذه الحياة الأبدية هي بالإيمان بابن الله وابن الإنسان يسوع المسيح. وعلى هذا الأساس يمكنك أن تطمئن إلى مصيرك الأبدي. وعلى هذا الأساس تقدر أن تقول مع بولس الرسول: "أنا عالم بمن آمنت وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلى ذلك اليوم."
هذا هو الخلاص الرائع الذي ننادي به. هذا هو الخلاص الذي يقدّمه لك الرب اليوم. فإن قبلتَهُ الآن اختبرتَ بنفسك صحة هذا الكلام وصرت من أولاد الله بعمل الروح القدس ودم المسيح. تعال إلى الرب الآن قبل فوات الأوان. فهو قد تمّم الخلاص وأعدّ لك كلّ شيء. فهل تأتي؟ وهل تقبل؟ افعل ذلك لأجل خير نفسك في الدنيا والآخرة.
- عدد الزيارات: 3170