الباب الأول: حاجة كل إنسان إلى الخلاص
تتضح لنا حاجة كل فرد إلى الخلاص عندما ندرك الحقائق الآتية:
1- إن الله خلقنا جميعاً
إن الله هو الخالق. ونجد في تكوين 1: 1- 28 وصفاً لعمله الخلاّق كيف إنه وهو الكائن وحده أمر بتكوين العالم فكان، بحسب قوة كلمته صائراً من لا شيء.
وفي بادئ ذي بدء سيطر الدجى والظلام والخراب على الكل. ثم أخذ الله يقيم الخليقة بنظامها المدهش من وسط الخراب وفعل ذلك تدريجياً. وآخر كل شيء خلق الإنسان وسلّطه على عمل يديه وأعطاه كل شيء لمسرته وراحته.
2- الكل لله
إن كان الله قد خلق الناس ولا يزال يخلقهم فإن الكل ملك له. لاحظ مزمور 24: 1 حيث يعلم داود هذه الحقيقة: "للرب الأرض وملؤها المسكونة وكل الساكنين فيها. لأنه على البحار أسسها وعلى الأنهار ثبتها". ولم يخلق الكلّ فقط بل يعتني بهم إلى الآن (متى 5: 45و6: 26).
3- له حق التسلط على الإنسان
إن كان الله قد خلق الإنسان وإن كان يعتني به فلا يخفى أن له حق التسلّط على الإنسان خاصته. كما للنجار حق أن يصنع من قطعة خشب، خاصته وملكه، كرسياً أو صندوقاً أو باباً أو شيئاً آخر كما يريد. حقيقة إن الله يأمر الإنسان ويعلمه بإرادته تعالى. تأمل في أوامره في الحوادث التالية:
تكوين2: 4- 17. أمر الله الإنسان الأول أن يعتني بمسكنه فكان عليه أن يتعهد الشجر والتربة والحيوانات. وكذلك أمر الله الإنسان الأول بالامتناع عن بعض الأعمال، فقد منعه عن الأكل من شجرة عرفت بشجرة معرفة الخير والشر. ويعني هذا أنه في مسكن الإنسان الأول كان من المحتمل أن يخطئ. لأنه كانت هناك أعمال يمكنه القيام بها ولكن واجبه كان أن لا يقوم بها. لأن الله قال له "لا تفعل".
تكوين 12: 1-5. وهنا مثل آخر عن أمر الله للذين خلقهم.
سكن أبرام بلاداً تُعرف اليوم بالعراق. وفي ذات يوم عرّف الله أبرام بنفسه ودعاه لترك وطنه وأصدقائه لكي يذهب إلى بلاد غريبة. ولم يكن هذا من الأعمال السهلة بل كان أمراً صعباً. ورغم ذلك أطاع أبرام لأن لله حقاً أن يأمر وأن يطلب ما يريد من خاصته.
خروج 20: 1-17. أعطى الله هذه الوصايا لشعبه ومن ثم، بواسطتهم للعالم كله. وقد يكون حفظ هذه الوصايا صعباً لكن لله حقاً أن يأمر بحفظها. وهي تعبر عن صفات الله فحفظها ضروري لمسرة الإنسان فردياً وجماعياً.
(ليستظهر كل طالب الأعداد التالية: 3 و4 و5 الجزء الأول و7 و8 و12 و13 و14 و15 و16 و17).
مرقس 12: 28- 34. جمع يسوع وصايا الله كلها في وصيتين الأولى أن نحب الله محبة عظمى والثانية محبة الآخرين كما نحب أنفسنا.
4- عدم الطاعة خطية
عندما يرفض الفرد عمل إرادة الله أو ينسى ذلك أو يهمل حفظ الوصايا التي أعطانا إياها الله حينئذ يخطئ. ومعنى الخطية الخطأ في إصابة الهدف. والهدف الذي يخطئ في إصابته إرادة الله. وفي 1 يوحنا 3 :4 يعبر عن هذه الحقيقة بكلمة "تعد".
5- الخطية ضد الله
نلاحظ إذن أن الخطية هي ضد الله.
حينما يقصّر شخص عن فعل إرادة الله يخطئ، وقد تضر خطيته أناساً كثيرين. قد يتجاهل الفرد أمر الله القائل لا تسرق ويأخذ مما لغيره. قد يظن أن خطيته هذه هي ضد صاحب المال. هذا صحيح. لكن السرقة هي أيضاً ضد الله الذي قال إن ما يكتسبه الفرد بواسطة عمله أو بواسطة طرق شرعية أخرى هو له ولا يحق لأي شخص آخر أن يأخذه منه دون إذنه.
كان داود فتى راعياً اختاره الله ليملك على شعبه. وكان ملكاً صالحاً غير إنه في ذات يوم اختار أن يعصي قوانين الله فيأخذ زوجة شخص آخر. ومن ثم التجأ إلى الخداعة لتخبئة عمله الشنيع وأخيراً قتل زوج المرأة لكي لا يكتشف زناه. فأرسل الله النبي ناثان ليوبخ داود على خطيته. وحينما أدرك داود أن خطيته اكتشفت صرخ إلى الله ملتمساً الرحمة والمغفرة. ونجد صلاته في مزمور 51. وفي العدد الرابع من هذا المزمور نقرأ اعتراف داود بأن خطيته كانت ضد الله. ربما يقول قائل "لكن خطية داود كانت ضد المرأة وزوجها". فلمثل هذا نقول انظر إلى أصل الزواج ومصدره فإن الله هو الذي بدأه وأسسه وعليه فإن الذي يهدم الرابط بين رجل وامرأته يتعدى إرادة الله. وانتبه أيضاً إلى أن الرجل الذي قتله داود كان من خاصّة الله لأنه خلقه واعتنى به. وهكذا أباد داود ما يخص الله وكانت خطيته هذه ضد الله. وكذلك كل خطية هي ضد الله.
6- يلاحظ الله الخطية
علينا أن ندرك أن الله يلاحظ خطايانا. "في كل مكان عينا الرب مراقبتان الطالحين والصالحين" (أمثال 15: 3). ليس الله أباً مهملاً يرى ذنوب أولاده ويتجاهلها. وليس كالشرطي الذي يمتنع عن مجازاة شخص ذي مركز خوفاً على وظيفته. إنّه الله ولا يخاف أحداً.
نقرأ في تكوين 2 أن الله أمر الإنسان الأول بالقيام ببعض الأعمال والامتناع عن غيرها. لكن ذلك الإنسان اختار أن يعصي الله. فنجد في تكوين 3: 8-19 إن الله لاحظ خطيته وحكم عليه.
أنجب الإنسان الأول وزوجته أولاداً وهؤلاء بدورهم رزقوا أولاداً فازداد عدد الناس في العالم. ومما يؤسف له أن هؤلاء جميعاً تمثلوا بالإنسان الأول وفعلوا أشّر منه. نعم رفضوا إطاعة الله فماذا كان موقف الله إزاء هؤلاء؟ أقرأ تكوين 6: 5-7 تجد أنه لاحظ خطاياهم فحزن وغضب وحكم عليهم.
ثم اختار الله من بين الكثيرين الساكنين في الأرض رجلاً اسمه ابراهيم ليكون أباً لشعب خاص يخدم الله. وبارك الله ابراهيم فتكاثرت قبيلته.
بعد مضيء قرون أخرى كانت الأسباط قد تكاثرت لدرجة إنهم طلبوا ملكاً ومملكة. فعيّن الله شاول ملكاً عليهم . وفي هذا الوقت كان صموئيل هو الذي بواسطته كلّم الله شعبه. وليس ذلك فقط بل كان قائد الشعب في السجود وتقديم الذبائح ولم يحق لغيره القيام بذلك.
وفي تلك الأيام وقعت أزمة وذلك أن جنود قبيلة أخرى استعدوا للهجوم على شعب الله (تجد هذه القصة في 1 صموئيل 13: 1-15). فارتعب الشعب. وخاف الملك شاول وظن أن صموئيل رجل الله قد نسي أن يأتي ويصلي لأجل الشعب فقاد الشعب في العبادة وقدّم ذبيحة لله مع إن العمل لم يكن يسمح به لغير الكهنة المعينين من قبل الله. وهكذا رفض أن يعمل إرادة الله. فهل يهتم الله بمثل هذه الأمور؟ نعم اهتّم جداً وأنزل شاول بغضب عن العرش.
بعد هذه الحادثة بسنين كثيرة اختير رجل آخر ليتكلّم بلسان الله ويقدم رسالته. واسم ذلك الرجل يونان. ادرس سفر يونان 1-2 ثم أجب على السؤال: هل يهتم الله بخطايانا؟
7 – لماذا يهتم الله بخطايانا؟
لابد أن يسأل سائل ولماذا يهتم الله بخطايانا لهذه الدرجة؟ لماذا يحزن ويغضب لسبب خطايا الناس؟
يحزن الله ويغضب لخطايا الإنسان لسبب طبيعة الله وخلقه. لأن قوانينه تعبّر عن شخصيته فحينما يتعدى الإنسان إحدى هذه القوانين يهين شخصيّة الله فلا بدّ من الإجابة على تلك الإهانة والحكم عليها.
كيف نستطيع أن نصف طبيعته؟
(1) إنّه قدّوس
ادرس لاويين 19: 1-4. معنى "القداسة" الانفصال. فإنّ الله منفصل ومعتزل عن كل ما هو دنيء وشرير. إنّه بعيد عن كل عيب وكل ضعف وكل خطأ كما وعن كل ما هو أثيم ومضّر.
1 يوحنا 1: 5. كثيراً ما يقال في العهد الجديد أن الظلمة تمثل الشر والخطية والموت وأن النور يشير إلى الحياة والبر والصلاح. فماذا يعلمنا هذا العدد عن الله؟ لنستظهره.
أشعياء 6: 1- 7. في هذا المقطع نقرأ عن رؤيا أشعياء والرؤيا تشبه حلماً. فإنّ الله يعطي أتباعه أفكاراً أو صوراً ذهنية عن نفسه وأرادته . لاحظ أن أشعياء حينما شاهد قداسة الله أدرك دناءة خطيته هو.
(2) موقفه تجاه الخطية
إنّ قداسة الله تجعله يلاحظ خطيتنا ويبغضها. فلماذا تفعل ذلك؟ لأنّ الخطية تناقض طبيعته.
لو فكرنا في بعض ما تأكله الحيوانات لاشمأززنا لأن ذلك الطعام لا يوافق طبيعة أجسادنا. ولو شاهد ضابط مختبر جنوده وهم يزحفون دون نظام وأزياؤهم ملطخة وممزقة لانزعج وأسرع لتغيير تلك الحالة . لماذا؟ لأنّه اعتاد النظام والنظافة والترتيب فهذه الأمور قد صارت جزءاً من طبيعته. وكذلك الله قد اعتاد الصلاح والبر وينتظر ذلك من خليقته فحينما يشاهد عكس ذلك ينزعج ويغضب.
نرى قداسة الله وموقفه تجاه الخطية في يسوع وموقفه تجاه الخطية.
عبرانيين 4: 15. كان بلا خطية.
يوحنا 8: 46. لم يستطع أحد أن يشهد على خطية له.
لوقا 23: 4. لم يجد الوالي الروماني علّة فيه.
مرقس 3: 1 -6. حزن يسوع لعدم إيمانهم.
متى 16: 21 – 28. غضب يسوع وانتهر بطرس لأنه لم يرد أن يقبل الحق.
لوقا 10: 1- 16. تأثر يسوع لأن سكان ثلاثة أماكن – كورزين وبيت صيدا وكفرناحوم لم يتوبوا رغم أنهم شاهدوا قوة الله عاملة في وسطهم.
8 – من يخطئ؟
(1) الجميع.
رومية 3: 23 و1يوحنا 1: 8-10 ورومية 3: 9.
(2) انتشار الخطية
رومية 5: 12، 18، 19- لقد تأثر العالم كله من عمل رجل واحد. كما أنه يمكن لتلميذ واحد مصاب بمرض الحصبة أن ينقل العدوى إلى أفراد صف كلهم، وهكذا أتى آدم الرجل الأول بمرض الخطية إلى العالم كله. ادرس تكوين 4: 1-8.
لم يعرف آدم وحواء الخطية في بادئ الأمر لكنهما عادا وأخطآ فأثرت الخطية على طبيعتهما تأثيراً جوهرياً فأثرت أيضاً على طبيعة أولادهما في ما بعد وهكذا أورثاهم ميلاً إلى الخطية.
9 – منشئ الخطية
إنّ مسبب الخطية هو الشيطان وكما أنّ الله يحبّ الصلاح والبر هكذا يحبّ الشيطان الشر. ونتعلم من الكتاب المقدس بعض صفات إبليس هذا.
(1) تكوين 3: 1-8. أخذ إبليس شكل الحية لكي يجرب حواء المرأة الأولى.
(2) يوحنا 8: 44. إن إبليس هو قتّال للناس وكذاب.
(3) ليس عنده محاباة
جرّب يسوع – لوقا 4: 1-13.
جرّب بطرس وأسقطه-لوقا 22: 31-34.
فإن كان قد جرّب يسوع ابن الله وبطرس قائد التلاميذ فلا نشك في أنه يجرّب جميع الناس.
(4) مكايد إبليس
أ- يسعى لإسقاط الناس في الخطية بواسطة مس حالتهم المادية. انظر أيوب 1: 6-22.
ب- يعمل بواسطة الرفقاء الأشرار. كما ترى في أمثال 1: 10-19. حيث ينذرنا الكاتب من المعارف الذين يجذبوننا إلى الخطية.
ج- يستخدم الطموح. ادرس حياة يهوذا الاسخريوطي. لعلّ المسيح اختار يهوذا لامكانياته الكثيرة. ويرجّح أنّ يهوذا اجتذب إلى المسيح لأنّه ظنّ أنّ المسيح سيؤسس مملكة أرضية ويعطيه مركزاً عالياً فيها- كأمين الصندوق مثلاً. وفي مرقس 3: 10 نرى أنّ يسوع عيّن يهوذا واحداً من الإثني عشر تلميذاً.
يوحنا 6: 66-71. وضّح المسيح جلياً إنه قد أتى لكي يموت عن الناس وإنّ ملكوته روحي وليس أرضياً. وعليه تركه كثيرون من الذين كانوا قد تبعوه لأنهم انتظروا منه ملكوتاً أرضياً. وحينما أدرك يهوذا قصد يسوع خاب أمله خيبة مريرة وأخذ الشيطان يستعبده.
متى 26: 6-13. في بيت سمعان فهم يهوذا تمام الفهم أن يسوع سيموت. فأدرك أن طموحه الأرضي لن يتحقق فاندفع باليأس إلى عمل فظيع.
متى 26: 14-16. اتفق يهوذا مع أعداء يسوع على تسليمه.
متى 26: 17-21. ويوحنا 13 :21-30. عند العشاء الأخير ملك الشيطان قلب يهوذا فترك العليّة ليتمم عمله المرعب.
مرقس 14: 22-46. وهكذا أكمل يهوذا المستعبد لإبليس مهمته.
متى 27: 3-5. وهنا نشاهد نهاية شخص لم يرض أن يضحي بطموحه في سبيل إطاعة إرادة الله.
10- أجرة الخطية أو نتيجتها
(1) الخطية تفصل
تكوين 2: 7-17. أنذر الله آدم إنه إذا أكل من الشجرة التي في وسط الجنة يموت حتماً.
تكوين 3: 22-24. عندما أخطأ آدم طرده الله من الجنة أو من شجرة الحياة. وهكذا نرى أن الخطية دائماً تفصل الخاطئ عن الله كما إنها تبعده عن مصدر الحياة.
(2) الخطية تأتي بغضب الله
أ- تكوين 6: 5-7 و7: 11-24. هنا نرى أن خطايا الفرد تأتي عليه بغضب الله.
ب-2 ملوك 24-25وأرميا21. وخطايا الشعب تأتي بغضب الله على الشعب بكامله.
انظر إلى أرميا وهو يفضح بشدة خطايا الناس ويدعو الزعماء إلى البر والعدل (عـ 11-12) لئلا يعاقبهم الله. لكنهم لم يرجعوا إلى الله فغضب الله عليهم.
ج- دانيال 5. أعلن الله غضبه على الخطية، بأنّه يعاقب شعبه.
وفي هذه القصة نرى كيف أنّ الله عاقب الملك المتعجرف الذي تجاسر على تنجيس ما يخصّ الله.
(3) تسبب الخطية غضب الله في الحياة الآتية.
أ- متى 25: 31-46. كان يسوع يعلم أن الجحيم أعدّ للشيطان. لاحظ من سيكون في جهنّم أيضاً. رؤيا 20: 15و 21: 7-8.
ب- متى 25: 46ورومية 2: 6-9 ومتى 22: 1-14. وكما قاص الملك الذين أهانوا ابنه كذلك سيقاص الله الذين يرفضون خلاصه. وفي القصة الثانية يوضح يسوع أنّ الخاطئ سيطرد من حضرة الله كما طرد الملك الضيف الذي تهامل في لبس ما يناسب العرس وسيتألم الخاطئ آلاماً لا تصفها الكلمات.
رؤيا 20: 10- يصف الكتاب المقدس جهنّم ببحيرة نار متّقدة وموضع العذاب.
ج- قصاص جهنّم هو أبدي. وليس هناك نهاية ولا رجوع.
د- متى يطرح الخاطئ في جهنّم؟ حينما يموت الخاطئ تذهب روحه إلى محلّ عذاب. ثم بعد أن يقيم الله الأموات ترجع الروح إلى الجسد والخاطئ - روحاً وجسداً- ينزل إلى بحيرة النار. رؤيا 20: 11-15.
أسئلة وتمارين
1- على أي أساس يرتكز حق الله في التسلط على الإنسان؟
2- ما هما الوصيتان العظيمتان؟
3- ما هي الخطية؟
4- اشرح موقف الله تجاه الخطية وموقف يسوع تجاهها.
5- اذكر بعض مكايد إبليس.
6- اذكر نتائج الخطية.
- عدد الزيارات: 4539