Skip to main content

الاصحاح الرابع

لكي يُقنع الكاتب القُرّاء بضرر الحكمة الأرضية، يلفت انتباههم الى الخصومات التي بينهم، التي سببها هو طلب اللذات والشهوات، حين يطلب البعض ما لنفسه لإشباع رغباته، مما يسبّب خصومات ونزاعات داخلية، وهذه هي عين الحكمة الأرضية النفسانية التي مصدرها الشيطان، وهم لا يعلمون، بل يشعرون أنهم مُحقّون، وهم عاجـزون عن رؤيـة مـكايـد ابليس فانخدعوا من شهوتهم. ان النتيجة حتماً موت روحي وتشويش.. يشتهون ولا يملكون لأن العدو يعِد ولا يعطي بل يبقي أتباعه ظمآنين مُخوّرين. يحسدون ولا يملكون لانهم لا يطلبون الحكمة التي من الله بل يطلبون رديّاً لكي ينفقوا في لذّاتهم.. ولا يتردّد الكاتب عن كشف حُكْم الله وهو أن حبّ الامتلاك وطلب إشباع رغبات الانسان هي محبة العالم التي زحفت الى الكنيسة والى قلب الأخوة الأحباء، وهم لا يعلمون أن هذه عداوة لله أي وقوف في صفوف جيش العدو ضد الله، لأنها تستبدل محبة الله وحكمته ولا تأتي الا بالهوان والعار لأسـم المسيح وهي أيضاً زنى روحي لأنها زيغان القلب عن الرب الذي مات لأجلنا ومحبة للأمور العالمية التي تقود الى المخاصمة والغيرة. كان ينبغي أن الضّيق يقود الى حياة القداسة والانفصال عن الشر والالتصاق بالرب وليس الى الانغماس في الملذّات والالتصاق بما يبغضه الرب.

إن كل ما يقوله الكتاب المقدس هو صحيح وصادق ولا يقول شيئا باطلا اي بلا معنى، والروح القدس الذي حلّ فينا لا يقود الى الحسد والغيرة بل أتى ليعطي نعمة أعظم وليحفظنا من هذه الشرور، لكن أصل حكمة العالم والانغماس في الملذات والخصومات هو الكبرياء والله يقاوم المستكبرين ليكسرهم، واما المـتـواضعون فيعطيهم نعمة، أي يُعين بنعمته أولئك الذين احتملوا التجربة وتزكّوا، متواضعين تحت يد الله خاضعين لمشيئة الأله الأمين ولم ينجذبوا بشهوتهم.

ثم يقدّم الكاتب للذين خدعوا قلوبهم بالحكمة الأرضية ومحبة العالم وبسماع الكلمة دون العمل بها، يقدّم لهم خطوات هامة نحو الحلّ والرجوع الى الرب:-

1. اخضعوا لله ولمشيئته كما قال داود "صمتّ لا أفتح فمي لأنك أنت فعلت" (مز 9:39).

2. قاوموا ابليس فيهرب منكم، اي أرفضوا أفكاره وتشكيكه وعروضه الخادعة.

3. اقتربوا الى الله، فيقترب اليكم وذلك بالاقتراب الى الكلمة وقبولها في القلب، لأن المبتعد ليس الله بل نحن الذين نقترب بالشفاه اما القلب فمبتعد بعيداً جداً!

4. نقّوا أيديكم، اي أحكموا على أعمالكم الرديئة.

5. طهّروا قلوبكم يا ذوي الرأيين، أي أجعلوا قلوبكم غير منقسمة بل تحبّ الرب فقط، رافضة العالم وملذّاته والجسد وشهواته.

6. اكتئبوا ونوحوا، أي توبوا ولا تفرحوا بالاثم.

7. اتّضعوا قدام الرب فيرفعكم، اي اقبلوا الحلّ الألهي، منكسرين، والرب يعِد بأن يرفع المتّضعين ويعطيهم نعمة.

ثم يعطي مثلاً عن الحكمة الأرضية وهو عدم ضبط اللسان وذمّ الإخوة، منبّراً عن خطورة ذلك، فالذمّ وإدانة الآخرين وإظهار عيوبهم هو:

1. ذمّ للناموس ومهاجمة ناموس الله.

2. سلْب مركز الرب الديّان والادانة مكانه.

3. يقول "من أنت"، فالادانة هي عمل أكبر مِن أن يعمله خاطىء حقير.

مثال آخر هو التخطيط للغد، فيخطّط الانسان واثقاً بنفسه غير متكلٍ على الرب ناسياً أن الغد هو في يد الرب، ولـيـس بأيـديـنـا الا الـحـاضـر. ولا نقدر أن نضمن حياتنا، لأن الرب هو الذي يسيطر على المستقبل، فلنتّضع طالبين ترتيبه اليومي لنا.

وأخيراً يضع أمامنا قانوناً عاماً للتصرّف قائلاً:

"مَن يعرف أن يعمل حسناً ولا يعمل، فذلك خطية له" كلّ مَن عَلِم وانتبه الى أن أي عمل او كلام او موقف يفيد الاخرين ويبني ويشجّع ويعود بالمجد للرب، ثم يمتنع عن عمله، فذلك خطية له، أي يكون مُخطئاً الى نفسه والى الاخرين ويستحقّ دينونة لله. 

  • عدد الزيارات: 3552