Skip to main content

الاصحاح الثاني

ينبّر الكاتب عن مشكلة المحاباة، فقد رحّب المؤمنون بالأغنياء واحتقروا الفقراء، ويذكّرهم بالرب يسوع الذي مع أنه رب المجد الغنيّ الا أنه أتى كالفقير المُحتقَر ولم يميّز بين الناس بل أحبّ الجميع، أحبّ الخطاة بشكل خاص وأكل مع المساكين وبات عند رجل خاطيء. هكذا أعلن اليهو في سفر أيوب اذ قال "لا أحابين وجه رجل ولا أملث انساناّ لأني لا أعرف الملث (الوجهنة)، لأنه عن قليل يأخدني صانعي"(أيوب 21:32 – 22 ).

ثم يوضّح يعقوب أن مّن حفِظ جميع وصايا الناموس وتعدّى بوصية واحدة، فقد صار متعدّياً للناموس بأكمله، ويقصد أن محاباة الوجوه لوحدها تكفي لكي يرانا الرب كمتعدّين على ايمان ربنا يسوع. ومع أننا لسنا تحت الناموس، الا أننا لسنا بلا ناموس، بل محبة المسيح تحصرنا وتقيّدنا أن نحيا حسب ناموس المسيح، اي بحسب أسلوب تعامله مع الاخرين وحسب ناموس الحرية، أي الحرية المسيحية التي تلزمنا أن نحب الجميع ولا نحتقر أحداً. لأن الحكم هو بلا رحمة لمَن لا يتعامل بالرحمة، وبالدينونة التي بها ندين نُدان، والرحمة تفتخر على الحكم فارحم تُرحَـم وكما تُعامِل تعامَل، ولو أتى الرب يسوع بالحكم والناموس والحق، لما خلص أحد، الا أنه أتى بالرحمة والنعمة ايضاً، وهو لنا في ذلك المثال الكامل. ويتساءل الكاتب "ما المنفعة إن قال أحد أن له ايماناً، ولكن ليس له أعمال، هل يقدر الايمان أن يخلّصه؟!، لكن "الايمان بدون أعمال ميّت"، كما يقول بولس" لكي يهتم الذين آمنوا بالله أن يمارسوا أعمالاً حسنة فان هذه الأمور هي الحسنة والنافعة للناس"(تيطس 8:3). لا بد للايمان الحقيقي الا أن يُنتِج أعمالاً حسنة تفيد الاخرين وتمجّد الله وتشهد للمسيح الحيّ. ان الايمان القلبي يخلّصني أمام الله، أما الأعمال الحسنة نتيجة للايـمـان الحقيقي فتخلّصني أمام الناس وتجعلهم يقرّون بالحقيقة أنني مؤمن. ولأن الايمان لا يُرى، لذلك علينا أن نبيّن ايماننا بالأعمال، وبولس الرسول يقول "أنا ايضاً أُدرّب نفسي ليكون لي دائماً ضمير بلا عثرة من نحو الله والناس (اعمال 16:24). ويعطينا ابراهيم مثالاً، فنعرف قوّة ايمانه حين عمل وأراد أن يقدّم ابنه ذبيحة لله. فلماذا صعد ابراهيم الى الجبل ثلاثة أيام ووضع الحطب ثم ابنه اسحق وأراد تقديمه للرب!؟ ألَم يعرف الرب قلبَ ابراهيم وايمانه؟!، لكن هذا كلّه لكي نرى نحن ويرى الجميع مقدار ايمان ابراهيم. فدعيَ ابراهيم أب المؤمنين بسبب ايمانه العامل والواضح. لذلك فالايمان بلا أعمال هو جسد بلا روح أي لا قوة فيه ولا قيمة له. 

  • عدد الزيارات: 3563