Skip to main content

الفصل الأول: يوشيا يحفظ شريعة الله

[1]

انقضى حوالي ألفان وخمسمائة سنة على حياة وحكم الملك يوشيا (1) ولكن تاريخه مملوء بالتعليم الذي لا يمكن أن يفقد نضارته وقوته. فقد ارتقى عرش آبائه في أوقات مظلمة شاقة، إذ كان تيار الفساد يجري في نواح عديدة وارتفع إلى أقصى حد، وسيف الدينونة الإلهي الذي بقي زمناً طويلاً محجوزاً بالأناة والاحتمال الإلهيين كان على أهبة السقوط بشدة هائلة على مدينة داود.

كان حكم حزقيا (2) الباهر قد أعقبته فترة طويلة مريعة من خمس وخمسين سنة تحت حكم ابنه منسى، ومع أن عصا الإصلاح كان لها أثرها في اقتياد ذلك الشرير إلى التوبة والاستقامة، ولكن سرعان ما سقط صولجان الملك من يده حتى تناوله ابنه آمون الرديء العاصي، الذي "عمل الشر في عيني الرب كما عمل منسى أبوه وذبح آمون لجميع التماثيل التي عمل منسى أبوه وعبدها ولم يتواضع أمام الرب كما تواضع منسى أبوه بل ازداد آمون إثماً وفتن عليه عبيده وقتلوه في بيته.... وملك شعب الأرض يوشيا ابنه عوضاً عنه" (2أي33: 22- 25).

لهذا وجد يوشيا نفسه وهو غلام في الثامنة من عمره على عرش داود محاطاً بأكداس من شرور وخطايا أبيه، وجده وبأشكال المفاسد التي أدخلت بواسطة شخصية لا تقل عن شخصية سليمان نفسه. ويمكن للقارئ أن يرجع لحظة إلى الإصحاح الثالث والعشرين من سفر الملوك الثاني ليرى صورة عجيبة لهذه الحالة في فاتحة تاريخ يوشيا، فهناك يجد كهنة الأصنام الذين جعلهم ملوك يهوذا ليوقدوا على المرتفعات في مدن يهوذا، يجد ما يحيط بأورشليم والذين يوقدون للبعل (3)، للشمس (4) والقمر (5)، للمنازل (6)، ولكل أجناد السماء (7).

تأمل أيها القارئ في هذا! فكر في ملوك يهوذا- خلفاء داود- الذين كان كل منهم مسئولاً أن يكتب لنفسه نسخة من الشريعة فتكون معه، ويقرأ فيها كل أيام حياته لكي يتعلم أن يتقي الرب إلهه ويحفظ جميع كلمات هذه الشريعة وهذه الفرائض ليعمل بها (تث17: 18، 19). كم هو محزن أن يبتعدوا عن "جميع كلمات الشريعة"، ويرتبوا كهنة ليوقدوا للآلهة الكاذبة!

وفضلاً عن هذا كانت هناك "خيل أعطاها ملوك يهوذا للشمس" وكان هذا "عند مدخل بيت الرب". "ومركبات الشمس" والمرتفعات التي بناها ملك إسرائيل لعشتورت (8) رجاسة الصيدونيين، ولكموش (9) رجاسة الموآبيين، ولملكوم (10) كراهة بني عمون، كل هذا خطير ومحزن ويسترعي نظر القارئ المسيحي، ولا ينبغي لنا أن نمر عليه كمجرد حادثة من حوادث التاريخ القديم، أو كأننا نقرأ في الأنباء التاريخية لبابل أو الفرس أو اليونان أو الرومان، لا يلزم أن نندهش من أن ملوك تلك الأمم يوقدون للبعل ويرتبون كهنة للأصنام ويعبدون أجناد السماء، لكن عندما نرى ملوك يهوذا- أبناء وخلفاء داود- أولاد إبراهيم- الرجال الذين كانت لهم صلة بكتاب شريعة الله- الذين كانوا مسئولين أن يجعلوا ذلك الكتاب موضوع دراستهم العميقة المستمرة، عندما نرى مثل هؤلاء الناس يقعون تحت وطأة قوة الخرافات المظلمة الدنيئة، يرن في آذاننا صوت تحذير لا نقدر بأي حال أن نرفض الإصغاء إليه، يجب أن نذكر أن كل هذه الأمور قد كتبت لجل تعليمنا. ومع أنه يقال أننا لسنا في خطر الانقياد (11) لنوقد للبعل أو لأن نعبد أجناد السماء، إلا أنه يمكننا أن نتأكد أننا في حاجة إلى الإصغاء للإنذارات والتحذيرات التي زودنا بها الروح القدس في تاريخ شعب الله القديم، عالمين أن "هذه الأمور جميعها أصابتهم مثالاً وكتبت لإنذارنا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور" (1كو10: 11) هذه كلمات من الرسول الملهم وإن كانت تشير مباشرة إلى إسرائيل في البرية إلا أنه يمكن أن تنطبق على كل تاريخ ذلك الشعب- التاريخ المملوء بأعمق التهذيب من أوله إلى آخره.

ولكن كيف نعلل كل تلك الشرور الجسيمة التي حمل إليها سليمان وخلفاؤه؟ ما هو منبعها؟ إنه إهمال كلمة الله!! دع المسيحيين بالاسم يذكرون هذا بل دع كنيسة الله كلها تذكره، إهمال الوحي المقدس كان الينبوع الفائض لكل تلك المفاسد التي شوهت صفحة إسرائيل، والتي أنزلت عليهم ضربات كثيرة وثقيلة من عصا تأديب الله "من جهة أعمال الناس فبكلام شفتيك أنا تحفظت من طرق المعتنف" (مز17: 4) "منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلاص بالإيمان الذي في المسيح يسوع. كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهباً لكل عمل صالح" (2تي3: 15-17) وفي هذين النصين الثمينين نرى كلمة الله ظاهرة في فضيلتها المزدوجة، فهي لا تحفظنا فقط من الشر حفظاً تاماً بل أيضاً تحفظنا من طرق المهلك المعتنف وتقودنا في طرق الله.

كم هو مهم أن نطالع باجتهاد وشوق وبروح الصلاة في الوحي المقدس، كم نحن في حاجة إلى غرس روح الخضوع والإجلال في كل الأمور لسلطان كلمة الله! انظر كيف كان هذا على الدوام يشدد به بإلحاح على شعب الله قديماً! كم من المرات ترددت في آذانهم مثل هذه العبارات الآتية "فالآن يا إسرائيل اسمع الفرائض والأحكام التي أنا أعلمكم لتعملوها لكي تحيوا وتدخلوا وتمتلكوا الأرض التي الرب إله آبائكم يعطيكم لا تزيدوا على الكلام الذي أنا أوصيكم به ولا تنقصوا منه لكي تحفظوا وصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها... انظر قد علمتكم فرائض وأحكاماً كما أمرني الرب إلهي لكي تعملوا هكذا في الأرض التي أنتم داخلون إليها لكي تمتلكوها فاحفظوا واعملوا لأن ذلك حكمتكم وفطنتكم أمام أعين الشعوب الذين يسمعون كل هذه الفرائض فيقولون هذا الشعب العظيم إنما هو شعب حكيم وفطن لأنه أي شعب هو عظيم له آلهة قريبة منه كالرب إلهنا في كل أدعيتنا إليه. وأي شعب هو عظيم له فرائض وأحكام عادلة مثل هذه الشريعة التي أنا واضع أمامكم اليوم. إنما احترز واحفظ نفسك جداً لئلا تنسى الأمور التي أبصرت عيناك ولئلا تزول من قلبك كل أيام حياتك وعلمها أولادك وأولاد أولادك" (سفر التثنية4: 1-9).

لنلاحظ بدقة هنا أن "الحكمة والفطنة" إنما يوجدان في تخبئة وصايا الله في القلب، وهذا كان أيضاً أساس عظمة إسرائيل الأدبية في نظر الأمم المحيطة بهم وليس هو التعلم في مدارس مصر (12) أو الكلدانيين، كلا، بل معرفة كلمة الله والإصغاء إليها- روح الطاعة المستسلمة في كل الأمور إلى الفرائض المقدسة وأحكام الرب إلههم، هذه كانت حكمة إسرائيل، هذه كانت سياجهم الراسخ ضد كل عدو، هذه كانت حارسهم الأدبي ضد كل شر.

ألا يصدق نفس هذا الأمر على شعب الله في وقتنا الحاضر؟ أليست الطاعة لكلمة الله هي حكمتنا وحارسنا وأساساً لكل عظمة أدبية حقيقية؟ بالتأكيد! حكمتنا في الطاعة، والنفس المطيعة حكيمة وآمنة وسعيدة ومثمرة. إذا كنا ندرس تاريخ داود وخلفائه سنجد بدون أي استثناء أن أولئك الذين أظهروا خضوعاً لأوامر الله كانوا آمنين وسعداء وناجحين وذوي تأثير- الطاعة تعطي على الدوام ثمارها الزاهرة الثمينة.

والآن واضح أنه لكي نكون مطيعين لكلمة الله يجب أن نكون ملمين بها. ولكي نكون ملمين بها يجب أن نطالعها باعتناء. وكيف ينبغي أن نطالعها؟ نطالعها برغبة شديدة في فهم محتوياتها، وباحترام عميق لسلطانها، وبنية خالصة لإطاعة أوامرها مهما كلفنا الأمر. إذا كانت لنا نعمة لمطالعة الوحي بهذه الكيفية- ولو بنسبة صغيرة- لنا أن نتوقع نمواً في المعرفة والحكمة.

ولكن واأسفاه! يوجد مقدار هائل من الجهل بالوحي في الكنيسة الاسمية. إن غرضنا الأصلي في استلفات نظر القارئ إلى موضوع "يوشيا وزمانه"، هو أن نشير إلى انه قد كانت في نفسه الرغبة الشديدة إلى إلمام أتم بكلمة الله المقدسة، واحترام كلي من جميع نواحي كيانه الأدبي- القلب، الضمير، العقل-، وانحناء تام أمام ذلك المستوى الكامل.

إننا نشعر بأهمية هذا الموضوع ويلزمنا أن نصرح بما نعتقد، أنه واجب مقدس نحو نفوس قرئنا ونحو حق الله. إن قوات الظلمة منتشرة والعدو ناجح بدرجة مزعجة في جذب القلوب وراء أشكال مختلفة من الخطأ والشر، وفي ذر الرماد في عيون شعب الله، وفي إفساد أذهان الناس. صحيح أننا لم نصل إلى عشتورث وكموش وملكوم، ولكن عندنا الطقسية والعقلانية والروحانية، ليس علينا أن ننادي ضد الإيقاد للبعل وعبادة أجناد السماء ولكن عندنا شيء أكثر قنصاً وخطراً، عندنا الطقسي (13) بتقاليده البشرية وفرائضه الملموسة التي تجذب الإنسان الطبيعي، وعندنا العقلي بحججه العلمية التي يستحسنها الذهن، وعندنا الروحاني بعلاقته الممتازة بأرواح الذين رحلوا.

إننا نتكلم بوضوح ونتصرف بأمانة بالنسبة إلى الحقائق الواقعية الموجودة حولنا، نحن ملزمون أن نتكلم هكذا ولو أن في ذلك مخاطرة بإيلام البعض. إننا بكل إخلاص لا نود أن نؤلم أحداً ولكن يجب علينا أن نكون صادقين نحو مسئوليتنا، إننا نتمسك بذلك الغرض الوحيد من الخدمة، ألا وهو أن نقدم كلمة الله إلى القلوب والضمائر لتعمل عملها فيها مباشرة بالنسبة إلى المبادئ والتأثيرات المنتشرة في الخارج في الوقت الحاضر. لا شك أنه توجد حقائق ثابتة عظيمة وأساسية- حقائق باقية في أساس المسيحية يجب أن يكون الإخبار بها وتطبيقها على الدوام أولياً وهاماً. ولكن في الوقت نفسه نعتقد أن الكاتب أو المعلم مدعو في بعض الأوقات لأن يعالج بعض أشكال الخطأ والشر الحاصلة وأن يسلط عليها قوة الحق، وهكذا بكل تأكيد يمكن أن يعمل بكيفية لا تجرح إحساسات الأفراد، ولكن إن كان ولا بد أن البعض يتضرر فنستطيع أن نقول أنه من الأفضل جداً أن تجرح بواسطة صديق من أن تهلك بواسطة عدو، ومهما يكن الأمر فإننا لا نستطيع أن نمتنع عن كلمة تحذير خطير عندما نفكر في تيار الشر الذي يطغى ويتزايد في كل ساعة بواسطة فيضان هذه السيول الثلاثة السريعة المتسعة وهي: الطقسية. العقلية. الروحانية.

إننا نشك فيما إذا كانت عقول المسيحيين على وجه العموم متنبهة إلى حقيقة صفة واتساع مدى هذه المؤثرات المريعة، ويوجد في هذه اللحظة ملايين من النفوس في طول وعرض الكنيسة الاسمية يبنون آمالهم بخصوص الأبدية على أساس رملي من الفرائض والتقاليد والطقوس، وتوجد أيضاً نهضة قوية لإحياء خرافات العصور والرجوع إلى تقاليد الآباء- كما يسمونها- وتعلق شديد بتلك المظاهر التي تشبع الحواس من موسيقى ورسم وهندسة ولباس وأنوار وبخور، وبالجملة كل مطاليب ديانة الظهور والمنظور. إن مبادئ وتعاليم وعادات الكنائس غير التقليدية المختلفة ليست عندهم كافية لإشباع المطاليب الدينية للنفس لأنها بسيطة بدرجة لا تملأ القلب الذي يشتاق إلى شيء محسوس يتكئ عليه للمعونة والراحة- شيء يشبع الحواس ويوقد جذوة التعبد، لهذا وجد ميل قوي عند العقل المتدين أن يتجه إلى ما يسمى فرائض.

وإننا نصارح القارئ بأنه إذا لم تكن النفس قد أمسكت بالحق، وإذا لم تكن هناك صلة حية بالمسيح، وإذا لم يكن السلطان الأعلى للوحي المقدس موجوداً في القلب، فلا يوجد حاجز منيع ضد التأثيرات القوية الجذابة للتدين الطقسي. إن أشد المساعي من مجرد الذكاء والفصاحة والمنطق وتصنيف المؤلفات المختلفة وجدت غير كافية بالمرة لإشباع ذلك النوع من العقول الذي نشير إليه الآن إذ لا بد أن يكون لديهم أشكال وشعائر دينية إليها يتقاطرون وحولها يجتمعون وعليها يبنون.

إنه من المهم مع الأسف أن نلاحظ جهوداً مبذولة مضنية في مختلف الجهات للتأثير على الجماهير وحفظها معاً، وواضح للمسيحي المفكر أن أولئك الذين يبذلون تلك الجهود لا بد أن يكونوا بالأسف ناقصين في الثقة العميقة بقوة كلمة الله وصليب المسيح الذي جذب قلب الرسول بولس، هم غير متنبهين إلى الحقيقة الخطيرة، وهي أن غرض الشيطان الأعظم هو أن يحتفظ بالنفوس في حالة الجهل بالإعلانات الإلهية، وأن يحجب عنهم مجد الصليب وشخص المسيح، ولهذا الغرض يستخدم الطقسية والعقلية والروحانية الآن، كما كان يستعمل قديماً عشتورث وكموش وملكوم في أيام يوشيا. "لا جديد تحت الشمس". الشيطان يكره على الدوام حق الله ولا يترك حجراً لا يقلبه في سبيل إبعاد ذلك الحق عن التأثير على قلب الإنسان، ولهذا يؤثر على الواحد بالفرائض والطقوس وعلى الآخر يؤثر بقوات الإقناع. وعندما يسأم الناس من كليهما ويبدأون في التشوق لأجل شيء مشبع، يقودهم إلى الاتصال والتعارف مع أرواح الذين رحلوا، وهكذا يعمل بكل وسيلة على تضليل النفوس وإبعادها عن الوحي المقدس وعن المخلص المبارك الذي يعلنه لنا هذا الوحي.

إنه لأمر خطير ومؤثر فوق حد التعبير أن نفكر في كل هذا. وليس أقل من ذلك خطورة وتأثيراً أن نفكر في أولئك الذين يدعون في تهاون وعدم اكتراث أن الحق عندهم، ولسنا نريد أن نتساءل عن السبب الذي يؤدي إلى حالة التهاون في أولئك المدعين- ليس هذا غرضنا- ولكننا نرغب أن نراهم بنعمة الله يلتفتون إلى الحاجز الإلهي الذي يقيهم من هذه الحالة.

مسئوليتنا بالنسبة لأولادنا:

ولا يسعنا إلا أن نشعر بحزن عميق أن نرى أطفالنا ينمون في مثل هذا الجو المظلم المحيط بنا في الوقت الحاضر والذي يزداد ظلاماً. نشتاق أن نرى اهتماماً أشد من جانب المسيحيين سعياً وراء ملء عقول الصغار بمعرفة كلمة الله الثمينة والمنقذة للنفس. إن الفتى يوشيا والفتى تيموثاوس يجب أن يبعثا فينا اجتهاداً أعظم من تهذيب الصغار سواء في وسط العائلة أو في مدرسة الأحد أو بأي طريقة نصل إليهم بها. ليس لنا أن نقف مكتوفي الأيدي ونقول عندما يأتي الوقت المعين من الله سيتغير أولادنا، وإلى أن يأتي ذلك الحين فمساعينا باطلة، هذا خطأ فادح. "الله يجازي الذين يطلبونه" (عب11). هو يبارك مساعينا المقرونة بالصلاة في سبيل تهذيب أولادنا، وفضلاً عن هذا فمن يستطيع أن يقدر بركة الانقياد منذ الصغر في الطريق المستقيم- طريق تكوين الأخلاق وسط التأثيرات الروحية وملء العقل بما هو عادل وطاهر ومسر؟ ومن الجهة الأخرى من يمكنه أن يأخذ على عاتقه مهمة تبيان النتائج الردية للسماح لأولادنا أن ينموا في حالة الجهل بالأمور الدينية؟ من يستطيع أن يصور شرور الفكر المدنس الناتج من عقل مشحون بالبطل والغباوة والنفاق، وقلب قد ألف منذ الصغر المشاهد الأدبية المنحطة؟ لسنا نتردد في القول أن المسيحيين يجلبون على أنفسهم مسئولية ثقيلة وهائلة جداً بسماحهم للعدو أن يضع يده على عقول أولادهم في الوقت الذي يكونون فيه في غاية المرونة والقابلية للتأثير.

صحيح أنه يجب أن تكون هناك قوة الروح القدس المحيية، صحيح أنه بالنسبة لأولاد المسيحيين كما بالمسبة للآخرين "ينبغي أن يولدوا من فوق" كلنا نفهم ذلك، ولكن هل هذه الحقيقة تمس موضوع مسئوليتنا بالنسبة لأولادنا؟ هل هذا يقلل من مجهوداتنا أو يعطل مساعينا؟ بالتأكيد كلا. إننا مطالبون بكل وسيلة إلهية وبشرية أن نسلح صغارنا الأعزاء ضد كل تأثير شرير وأن ندربهم في كل ما هو مقدس وصالح، ولا نفعل ذلك لأولادنا فقط بل أيضاً بالنسبة لألوف الأولاد الذين حولنا الذين يشبهون غنماً بلا راع والذين يمكن لكل واحد منهم أن يقول بحق مع الأسف "ليس من يسأل عن نفسي"!!

يا ليت هذه الصفحات تستخدم بواسطة روح الله للتأثير بقوة على قلوب كل الذين يقرأونها لكي تكون هناك يقظة صحيحة إلى الشعور بمسئوليتنا السامية المقدسة نحو النفوس التي حولنا فنتخلص من الموت والبرود اللذين يجب علينا جميعاً أن نحزن على وجودهما.


1- عناوين الفصول والعناوين الجانبية والهوامش ليست في الأصل، انظر الهوامش في آخر الكتاب.

  • عدد الزيارات: 5235