الصعوبة الخامسة والعشرون
إن لم أكن من المختارين فلن أقدر أن أخلص ولا يمكنني أن أؤمن مالم يمنحني الله القوة.
هذه هي المحُصّلة لإحدى أنواع مكائد إبليس الخبيثة، لكي يضمن من جهة أن تبقى النفوس التي استيقظت في حالة من البؤس، ومن جهة أخرى لكي تتمسك النفوس القاسية معانقة أغلالها وملقية على الله نفسه ملامة بقائهم في الخطية وعدم الإيمان. إنه العدو الذي يزيف الحق إذا يسيء تطبيقه.
فالله الآن يتحدث إلى الخاطئ كخاطئ، وللقديس كقديس. الإنسان يحاول أن يسوي بين العالي والمنخفض حتى يجعلهما معاً، لكن الله لا يفعل ذلك.
فالله له مطالب عادلة تجاه كل خاطئ، وهذه المطالب لن يتنازل عنها مطلقاً. والإنسان مسؤول أمام الله، ومهما تذرع بأي حيلة ماكرة فلا يمكنه أن يفلت أو يتزحزح شعرة تجاه مسؤوليته أمام الله.
فهل أنت خاطئ؟ فالله يقول لك بهذا الاعتبار سواء هنا أو في الأبدية تفكر في الرسول المبعوث من الملك أو الملكة الذي زار المجرم في زنزانته ومعه رسالة العفو والحرية، فبدلاً من قبول تلك النعمة المقدمة له، راح المجرم يناقش بكل برود مع الرسول الملكي عن ما هي حدود الامتيازات الملكية في منح العفو أو التصديق على الحكم بالإعدام، تاركاً الأمر الذي يخصه وهو خلاصه. هذا الموقف الذي أظهره المجرم مع الرسول الملكي يعتبر وقاحة وتهوراً شديدين، وهي جسارة من المجرم أن يلقي بنفسه في هذا المجال، وما هو اختصاصه حتى يتدخل في حقوق السلطان الملكي الذي يختار أن يفعل هذا أو لا يفعل تلك؟ يكفيه أنه هو مجرم، وعدلاً هو موضوع تحت حكم الموت. أما وريث العرش فقد أحرز انتصاراً عجيباً، وبذلك منح عفواً مطلقاً لكل سجين من نزلاء السجن، ومنهم هذا الشخص.
وعندما جاء يوم تنفيذ العقوبة فأين سيكون هذا المسكين؟
إنه يموت لأربعة أسباب مقدمة ضده.
1- كسر القانون الملكي وعقوبة هذا التعدي الإعدام.
2- رفض بكبرياء أن يتوب ورفض العفو المقدم له.
3- وبذلك فقد رفض أن يتحد مع الذين شملهم العفو، إكراماً للوارث.
4- لقد تدخل بوقاحة في حقوق العرش، إذ كان له الحق أن يحيا فإنه خسر حياته وصار مجرماً.
والآن يا قارئي العزيز هذه صورة محزنة لكثيرين ولكنها حقيقية في أيامنا الحاضرة، فبدلاً من إكرام المسيح بقبول العفو المقدم (فإن المسيح يكرم من النفوس المخلصة) فإنهم بكل برود يناقشون تعليم اختيار النعمة. والحقيقة أنهم يأخذون موضوع سلطان الله المطلق في الاختيار ذريعة يحتمون خلفها لاستمرارهم في شرهم وضلالهم (متى25: 24).
هل تتحذر يا قارئي، فإن كنت خاطئاً، سواء كان سلطان الله أن يختارك للبركة الأبدية، أو يحكم عليك بسبب خطاياك، فهذا خارج اختصاصك. قال الروح في الكتاب. "الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله. يستد "كل فم"، ويصير "كل العالم" "تحت قصاص من الله". ولذلك فإن الله "يأمر الآن جميع الناس أن يتوبوا". وهو يأمر جميع عبيده أن يذهبوا "للعالم أجمع" وأن يكرزوا "بالإنجيل للخليقة كلها". "فمن آمن لا يدان" هذا هو الأمر المختص بك (انظر أيضاً 1تيمو2: 4و 2بط3: 9).
أيمكنك أن تقول أن "كل العالم" لا يشملك أنت؟ والتعبيرات "كل فم" و "كل الخليقة" و "في كل مكان" أفلا تضمك معهم؟ لا يمكنك أن تسعفني. هناك جملة أخرى خرجت من شفتي الرب التي انسكبت منهما النعمة، إنها تخصه هو كما تخصك أنت: "من يُقبل إليّ لا أخرجه خارجاً" (يو6: 37).
إننا ننصحك أن تترك تعليم اختيار الله وتفكر الآن في إنجيل الخلاص. فإنه لا أحد يعرف أنه مختار قبلما خلص أولاً، وكل مخلص هو مختار. فطالما أنت لم تخلص بعد، فإن الله يتحدث إليك- باعتبارك شخص هالك، وأنت خاطئ تحت المسؤولية عليك أن تتضع أمامه وتنحني عند قدمي يسوع كمخلصك الوحيد وتخضع له كمن له الربوبية وحده.
وعندما نجد في الرسائل روح الله يخاطب القديسين (أو المخلصين)، كان له أن يتكلم معهم كثيراً عن الاختيار. ولكن تأكد من هذا أنه لن يتكلم إليك كقديس وأنت بمفردك. يمكن أن يقال أن الاختيار مثلاً من أسرار العائلة. وليس من المفروض أن تعرف ذلك قبل أن تصبح جزءاً من العائلة أولاً.
أما من جهة الاعتراض إنني لا أقدر أن أؤمن حتى يعطيني الله القوة، فيجب أن تضع في ذهنك جيداً أنه بينما روح الله يضع أمامنا المسيح لكي تتجه إليه قلوبنا بالثقة، ونشعر بأن مثل هذا الشخص المبارك نأتمنه على نفوسنا، فإن الروح لا يؤمن بدلاً منا. فنحن نؤمن بالمسيح لأنفسنا "فالقلب يؤمن به للبر والفم يعترف به للخلاص".
- عدد الزيارات: 2339