الصعوبة الثامنة عشر
أفلا يجب أن يكون هناك عمل للنعمة في داخل النفس؟ فكيف أتأكد أن عمل نعمة الله وتوبتي لهما عمق حقيقي وكافي.
إن روح الله لا يشغلنا بعمله في داخلنا، ولكنه يُحوّل عيوننا إلى المسيح وكفاية عمله لأجلنا. صحيح أننا بدون عمل النعمة الذي تجربه في أنفسنا لا يمكننا أن نتمتع بثمار العمل الذي تممه المخلص لأجلنا على الصليب. ولكن السلام لا يستقر على شبعنا نحن بما نكتشفه من عمل الروح في قلوبنا، بل على شبع الله بعمل المسيح على الصليب. وإذا افترضنا أن السلام نتحصل عليه فقط بعمل النعمة في الداخل بعمق كافٍ فلن نجد مؤمناً أميناً واحداً في هذا العالم يمكنه أن ينال هذا السلام. ذلك لأن صرخته لن تكف "يا رب عمّق عمل النعمة في نفسي". وكل يوم تتكرر هذه الطلبة منه أحتاج أن تُعمق عملك فيّ أكثر يا رب.
إذا تصورنا أن أناساً محسنين أقاموا في السوق مكاناً عاماً كمصدر للشرب. فهل ستقف أمام المياه متطلعاً إلى نفسك لترى هل أنت عطشان عطشاً كافياً مع علمك أنك تريد أن تشرب؟ ألم يكن عطشك للمياه هو الذي أوقفك في هذا المكان؟. هكذا إذا تحققت حاجة نفسك وصرخة قلبك أريد المسيح وسأهلك بدونه. فتأكد أنك مُرّحب منه قلبياً، "أنا أعطي العطشان ينبوع ماء مجاناً" (رؤ21: 6). "من يعطش فليأتِ ومن يرد فليأخذ ماء حياة مجاناً" (رؤ21: 17).
كم هي بسيطة ومشجعة ومفعمة بالمحبة تلك الدعوة في الختام للعطاش في نهاية صفحات الوحي.
"أنا أعطي"- "بحرية"
"ليأخذ"- "بحرية"
إن التوبة هي أن نحكم على أنفسنا وما فعلناه في ضوء ما هو الله. إنها ثمرة عمل النعمة فينا. إذا زلّت قدمي مسافر في مستنقع قذر في نصف الليل فربما على ضوء القمر من وراء السحب قد يرى قليلاً من حالة اتساخه، ولكن عندما يشرق نور الصباح تدريجياً تزداد معرفته بأكثر وضوح لحالته الحقيقية. كذلك الخاطئ فإنه يأتي إلى التوبة بنور من الأعالي، وكلما سار مع الله كلما اقترب إلى نور النهار الكامل، وكلما تعمّق إحساسه بعدم استحقاقه. ولكن لا يمكنه أن يقول أن توبته غير كافية أو أن إحساسه بعدم الاستحقاق غير عميق، بل يستطيع أن يقول كلما أتيت إليه كلما اكتشفت رداءتي وحاجتي إلى مُخلّص، وهكذا يزداد تقديري للنعمة التي تهتم بخاطئ مثلي.
- عدد الزيارات: 2305