مقدمة المؤلف
إن أكثر الأشياء التي ضغطت بقوة على قلبي لكتابة هذه الصفحات، تلك السطحية الظاهرة في اختبارات الكثرة الغالبة من المسيحيين وإن كنا نتلهف على رؤية النفوس وهي تتمتع بالسلام، لكن هناك خطراً يتربص أمامنا، يلزمنا أن نراقبه، وعلينا أن نصلي حتى لا يستفحل. إنه هذا الخلط التعسفي بين الله (فيما تكلم ووعد) وبين التدريبات والاختبارات الروحية للنفوس المتجددة.
هذا الخطر لم يصل إلى مداه قدر ما وصل إليه في زماننا الحاضر- الذي اتسم بالضحالة. ومن الممكن في هذه الأيام أن تجد الذين يجيدون التحدث في الأمور الروحية دون أن يكون في أنفسهم تجديد حقيقي أو عمل إلهي واضح. وإن وجد هذا التجديد الروحي فإنما هو باهت اللون، يصعب أن تتبينه في سلوكهم اليومي.
وهناك عامل آخر يزيد هذه الخطورة، ففيما يختص بحقائق الإنجيل الأساسية تولدت انطباعات مشوشة وخاطئة، وظهرت في عادات من الفكر غير كتابية وتعبيرات سارية في الكنائس المعترفة، ونتيجة لذلك امتلأت القلوب بالحيرة والحزن، وتخبطت النفوس في بلبلة كثيرة. وكان بالإمكان، لولا تلك المفاهيم المغلوطة أن تتذوق طعم الفرح والسلام في إيمانها. أليس هذا سبباً في سلوك الكثيرين سلوكاً معيباً غير مرضي؟ فطالما ليس هناك أساس راسخ تحت أقدامنا فلن يستقيم سيرنا أبداً.
وفي ضوء هذه الاعتبارات، أراد الكاتب أن يقدم العون لنفوس كثيرة بهذه الصفحات التي يضعها أمامهم. وصلاته أن يختبروا من ورائها البركة، وألا تكون عثرة لأحد. ويا لها من تعزية "إنه أشبع نفساً مشتهية وملأ نفساً جائعة خبزاً" (مز107: 9).
- عدد الزيارات: 2869