Skip to main content

يعبيص: بنيامين رقم 2

1 أخ 4: 9، 10

لا يخبرنا الكتاب المقدس شيئاً كثيراً عن يعبيص. كل ما نعرفه مدوّن في عددين لا غير من الأصحاح الرابع من سفر أخبار الأيام الأول. وهذا أقل شيء يمكن أن يقال عن إنسان هام. لذلك لا نستطيع أن نكتب عنه إلاّ من خلال ذينك العددين ومما يمكن أن يستوحى منهما.

نستطيع أن نرى وجه شبه كبير بين يعبيص وبنيامين (بن أوني) ابن راحيل (تكوين35: 16-18).

معنى اسميهما واحد

كيفية ولادتهما واحدة

كلاهما ولد بحزن

كلاهما ولد بتعب

كلاهما ولد بألم

إلاّ أن "كسم" يعبيص لم يكن كاسمه إلاّ من حيث ترتيب أحرفه ـ لذلك قال عنه الكتاب أنه كان أشرف من أخوته. فهو كان من رجال:

ي ـ يهوذا

"وهؤلاء لأبي عيطم يزرعيل ويشما ويدباش واسم أختهم هصللفوني. وفنوئيل أبو جدور وعازر أو حوشة. هؤلاء بنو حور بكر أفراتة أبي بيت لحم. وكان لأشحور أبي تقوع امرتأن حلاة ونعرة. وولدت له نعرة أخزّام وحافر والتيماني والاخشتاري. هؤلاء بنو نعرة. وبنو حلاة صرث وصوحر واثنان. وقوص ولد عانوب وهصوبيبة وعشائر اخرحيل بن هارم". أسماء تسبب صداعاً شديداً في رأس قارئها. لكن.. ما أن يصل القارئ إلى العدد التاسع حتى تنفرج الأزمة. وهنا يبرز اسم يعبيص في قائمة أسماء رجال يهوذا وكأنه

وردة عطرة بين أشواك

سوسنة فواحة بين حجارة

واحة خضراء في قلب صحراء

نسمة باردة في جو حار

قمر ساطع بين غيوم سوداء

طود شامخ بين سهول ووديان

مارد جبار بين أقزام صعاليك

لذلك لم يكتفِ الكاتب بذكر اسمه كغيره من الأسماء بل كرّس له ثلاثة أسطر على الأقل. فيعبيص كان متفوّقاً في عشيرته، بارزاً بين أخوته.. لأنه كان أيضاً رجل:

ع ـ علم

يقول الكتّاب اليهود عن يعبيص أنه كان ناموسياً متعمّقاً في دقائق الشريعة. ويخبرنا كاتب سفر أخبار الأيام الأول في الأصحاح الثاني والعدد الخامس والخمسين أن إحدى مدن يهوذا كانت تدعى "يعبيص" وكان تسكنها الفئة المتعلمة والطبقة المثقفة من الناس، أي عشائر الكتبة. وهذا يقودنا طبعاً إلى التفكير بأن المدينة ربما دعيت بذلك الاسم تكريماً لرجل العلم العظيم يعبيص ـ كدت أقول الدكتور يعبيص. وهل هو بالأمر السهل أن يطلق اسم رجل على مدينة بكاملها؟ إذا أردنا أن نخلّد اليوم إنساناً عظيماً نطلق اسمه على شارع أو حي أو مؤسسة وليس على مدينة. أما يعبيص فقط أطلق اسمه على مدينة. أهو امتياز ليعبيص الرجل أو ليعبيص المدينة؟ لستن أدري! المهم عندي أن رجل العلم ـ لا سيّما العلم عن الله ـ يستحقّ كل تقدير وإكبار وتكريم.

ب ـ بأس

قال البعض أن يعبيص كان رجل حرب. وقد طلب إلى الربّ أن يباركه ويوسّع تخومه ويجعل يده معه ضدّ أعدائه الكنعانيين الذين كانوا في الأرض. والظاهر من استجابة الله لصلاته أنه قاد المعركة بنفسه حتى دحر الأعداء وسجل له ولشعبه انتصاراً رائعاً. وقال آخرون أنه كان رجل عمل وقد نذر أن يضع نفسه تحت تصرّف الله إذا ما استجاب له الربّ سؤله. فسواء كان هذا أم ذاك، نستطيع أن نتأكّد أن يعبيص كان رجل بأس وجهاد. وكل ما كان يفعله كان يفعله بكلّ قوته.

فلا تأجيل

ولا كسل

ولا إهمال

ليتنا نتعلّم من يعبيص، لأننا في معركة أشدّ ضراوة من معركته. ثم كان رجل:

ي ـ يقين

أي أنه كان رجل إيمان. وقد تغلّب إيمانه على اسمه

ولد حزيناً لكنه لم يستسلم للحزن

ولد تعباً لكنه لم يستسلم للتعب

ولد ضعيفاً لكنه لم يستسلم للضعف

"فكل شيء مستطاع للمؤمن"

وهل يتعامل الله مع الإنسان ـ أي إنسان ـ على أساس غير أساس الإيمان؟

ألا نرى إيمانه عندما "دعا.. إله إسرائيل"؟

ألا نرى إيمانه في عهده ووعده؟

ألا نرى إيمانه في كرهه للخطية والشر؟

ثم نرى أن أكثر ما شرّفه هو كونه رجل:

ص ـ صلاة

"ودعا يعبيص إله إسرائيل"

سأل كثيراً ونال كثيراً لأن "طلبة البار تقتدر كثيراً في فعلها"

ويمكننا أن نلخّص صلاته بما يلي:

إنها صلاة مختصرة

إنها صلاة مركّزة

طلب البركة

طلب النصر

طلب العون

طلب القوة

طلب الإرشاد

طلب الحماية

"فآتاه الله بما سأل".

  • عدد الزيارات: 11145