Skip to main content

ميلاد المخلص

كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود, ابن إبراهيم , إبراهيم ولد إسحاق, وإسحاق ولد يعقوب, ويعقوب ولد يهوذا ? اخوته.. ويعقوب ولد يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع الذي يدعى المسيح.

فجميع الأجيال من إبراهيم إلى داود أربعة عشر جيلاً, ومن داود إلى سبي بابل أربعة عشر جيلاً, ومن سبي بابل إلى المسيح أربعة عشر جيلاً.

أما مَوْلِد يسوع المسيح فكان هكذا: لما خُطِبَت مريم أمه ليوسف وُجِدَتْ,من أن يجتمعا, حبلى من الروح القدس. فإذ كان يوسف رجلها بارْاً, ولم يرد أن يُشْهِرَها, عزم على تخليتها سراً. ولكن فيما هو يفكر في هذا إذا بملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلاً: يا يوسف ابن داود لا تَخَفْ أن تأخذ مريم امرأتك فإن الذي حُبِلَ به فيها هو من الروح القدس وستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع لأن هذا هو الذي يُخَلِص شعبه من خطاياهم. وكان هذا كله لِيَتِم ما قال الرب بالنبي القائل: ها أن العذراء تحبل وتلد ابناً, ويدعى اسمه عمانوئيل. وتفسيره الله معنا. فلما استيقظ يوسف من النوم, فعل كما أمره ملاك الرب فأخذ امرأته. ولم يعرفها حتى ولدت ابنها, ودعا اسمه يسوع.,, الإنجيل حسب متى 1: 1?2?16 – 25 ترجمة.196 .

عندما نقرأ قصة الميلاد كما يرويها لنا البشير متى نلاحظ قبل كل اللائحة الطويلة التي تذكر أسماء أجداد السيد المسيح. وقد كتب متى هذه اللائحة بإلهام ووحي الروح القدس لِيَرينا أن المسيح يسوع ظهر في مِلء الزمن حسب تدبير الله لخلاص البشرية. وكان الله قد ابتدأ بوضع خطته الخلاصية موضع التنفيذ بواسطة أناس مَعيّنين منذ أيام آدم ونوح وبصورة خاصة منذ أيام إبراهيم الخليل. مجيء يسوع أي المخلص إلى العالم لم يكن إذن أمراً فجائياً أو عرضياً. أناس عديدون شكلوا الحلقات المتتالية في سلسلة تدبير الله الخلاصي الذي وصل إلى ذروته في تَجَسّد ابن الله الأزلي وولادته من مريم.

وقد ذكر أحد الوعاظ ما يلي عن مقدمة بشارة متى: لدينا في هذه اللائحة نحو 47 اسماً بعضهم كانوا عظماء وبعضهم أقل عظمة منهم وآخرون كانوا قليلي الشأن وإذ نقرأ هذه الأسماء التي ذكرها متى نكون مستعرضين لتاريخ 2000 سنة. وما أن نصل إلى نهاية اللائحة حتى نجد الاسم الذي يعلو فوق كل اسم آخر: اسم يسوع المسيح فقد سارت القافلة البشرية عبر القرون العديدة إلى أن وصلت أخيراً إلى بيت لحم حيث توقَّفت لبرهة وجيزة. كل ما سبق تلك الحادثة إنما يشكل الفصل الأول من رواية البرية. جميع ما حدث في تاريخ شعب الله القديم إنما وجد غايته المنشودة في ميلاد يسوع المسيح.,,

ومن الدروس التي يمكن أن نستقيها من الفصل الأول من متى نكتفي اليوم بذكر درسين هامين. الدرس الأول هو أن يسوع المسيح هو جزء من تاريخ البشرية. أما درسنا الثاني فهو أن يسوع المسيح ليس فقط جزءاً من تاريخ البشرية بل إنه له المجد فوق التاريخ وخارجه. وُلِدَ المسيح ضمن التاريخ البشري ومع ذلك فإن التاريخ هو تحت سلطته وقيادته! هذا سر عظيم بالنسبة إلينا نحن البشر ولكن كون هذا الأمر سراً لا يعني إننا نقدر التخلص منه أو عدم الالتفات إليه. علينا أن نصل إلى معرفة سر التجسد معرفة قلبية والإيمان به إيماناً حقيقياً لأنه بدون تجسد ابن الله لا خلاص لنا ولا رجاء لا في هذه الحياة ولا في الحياة الآتية! لنتأمل إذن بعون الله في درسي سر التجسد الذي نتذكره بمناسبة عيد الميلاد إذ أننا بذلك إنما نكون محيين لذكرى من جاء لإنقاذنا في الزمن الحاضر في أجيال الأبدية اللامتناهية.

1:يسوع المسيح هو جزء من تاريخ البشرية: ولد يسوع المسيح في بيت لحم ولكنه كان قبل ولادته من العذراء! أنه ليس كبقية أفراد الإنسانية! إنه شخصية فريدة! ويمكننا القول بأنه كان قبل الميلاد يتهيأ لقدومه إلى بيت لحم أثناء قرون عديدة وذلك في حياة أجيال مُتَعَدِدة من بني البشر. وقد كانت مواعيد ونبوات أيام العهد القديم أو النظام القديم تشير إليه بهذه العبارة ابن الإنسان. وقد اختار السيد المسيح هذا اللقب أثناء حياته العلنية لِيُظْهِر تكاتفه مع البشرية. ولذلك نجد أسماء إبراهيم ? إسحاق ويعقوب وداود وسليمان في لائحة متى لأن المسيح هو مِنْ صُلْبِهِم ولا نقدر أن نفهمه ولا طبيعة العمل جاء لإنجازه إن لم نبدأ بدرس ذلك الماضي.

يسوع المسيح هو إذن شخصية تاريخية بمعنى أنه يخص البشرية بأسرها. إنه واحد منا, إنه إنسان حقيقي بكل معنى الكلمة مع هذا الفارق الهام: إنه بدون خطية!

من المؤسف إننا أحياناً نتكلم عن السيد المسيح بطريقة تفصله فصلاً تاماً عن البشرية التي جاء لإنقاذها. فنحن كثيراً ما نضعه خارج التاريخ والإنسانية – على جزيرة في عالمنا الحقيقي. ولكننا إذا قمنا بذلك لا نكون الا نازعين الحياة بأسرها من مجرى التاريخ. إننا نكون محاولين جعل الله خارج تاريخ البشرية وخارج الحوادث الواقعية التي جرت في هذا العالم. ولكن التاريخ بدون الله لا معنى له, التاريخ بدون الله ليس الا ألغاز وكوارث بدون قصد أو ترتيب. لكن الحقيقة التي نستقيها من كلمة الله ومن تاريخ شعب الله عبر القرون المتتالية هي أن المسيح لم يكن بمقدوره الإنتصار على الخطية إن لم يكن إنساناً والهاً في أقنوم واحد. مجرد إنسان لا يكفي. ألم يكن آدم الأول إنساناً بدون خطية في عالم خال من الشر؟ ولكنه سقط في الخطية! فأي مجرد إنسان يقدر مجابهة الخطية والشر والشيطان ? الإنتصار؟ طبعاً إن كسر أعداء البشرية يجب أن يتم بواسطة إنسان لأن الإنسان الأول إنما كُسِرَ مِنْ قِبَلِها. الإنسان وحده يقدر أن يقوم بالنيابة عن الإنسان. ولكن المُنقِذ, المُخَلِص, المُحَرِر لا يقدر أن يكون إنساناً فقط. الله وحده هو أقوى من الخطية والشر والشيطان. ولذلك نرى أن الله وهبنا ابنه الوحيد الذي تجسد وهكذا دخل تاريخنا وصار جزءاً منه بدون أن يخسر كونه فوق التاريخ وسيده.

عيد الميلاد إذن هو ذكرى مجيء مخلص الإنسانية, يسوع البشرية الساقطة المتألمة الشقية. هذا هو معنى الميلاد بمفهومه الكتابي الحقيقي. هل اختبرت ضمن حياتك عمل يسوع الفدائي؟ أرجوك لا تَدَع هذه الفرصة الثمينة تُفْلِتَ من يديك ولا تستقبل عاماً جديداً بدون أن تكون قد عيدت ميلاداً حقيقياً في قلبك وفي حضرة إلهك الذي أحب العالم إني هكذا درجة حتى إنه أرسل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. آمين!

  • عدد الزيارات: 7803