Skip to main content

كلمة الله وسامعوها

ليس كل من يقول: لي يا رب, يا رب, يدخل ملكوت السماوات بل الذي يعمل إرادة أبي الذي في السماوات.

كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم: يا رب, يا رب, ألم نكن باسمك قد تنبأنا؟ وباسمك قد أخرجنا شياطين؟ وباسمك صنعنا قوات كثيرة؟

فحينئذ أصَرِح لهم: إني لم أعرفكم قط ! ابعدوا عني يا فاعلي الاثم!

فكل من يسمع أقوالي هذه ويعمل بها يُشَبَّه برجل حكيم بنى بيته على الصخرة, فنزل المطر وجاءت السيول وهبت الرياح واندفعت على ذلك البيت فلم يسقط لأنه كان مؤسساً على الصخر. وكل من يسمع أقوالي هذه ولا يعمل بها يُشَبَّه برجل بنى بيته على الرمل, فنزل المطر وجاءت السيول وصدمت ذلك البيت فسقط وكان سقوطه عظيماً.

ولما أتمَّ يسوع هذه الأقوال دُهِشت الجموع من تعليمه لأنه كان يعلمهم كَمَن له سلطان, لا مثل كتبتهم!,,

الإنجيل حسب متى 7: 21 – 28 (ترجمة . 196 )

من التعاليم التي تركها لنا السيد المسيح تلك التي نجدها في الإنجيل حسب متى من الفصل الخامس حتى نهاية الفصل السابع والتي ندعوها بالعظة على الجبل. يخبرنا البشير أن السيد المسيح رأى الجموع العديدة التي كانت تتبعه فصعد إلى جبل وَتَفوَّه بعظة تُعَد من أعظم عظات العالم. وعندما نسمع نحن بهذه العظة قد نقول: يا ليت كنا مع تلك الجماهير التي سمعت كلمات المسيح! قد نتفوّه بهكذا كلمات ولكننا نكتفي بذلك أو ربما قد نُعَلِق على هذا التعليم أو ذاك الوارد في العظة ولا نعمل أي شيء للحياة حسب مبادئها.

قال السيد المسيح في تلك العظة: طوبى للمساكين بالروح فإن لهم ملكوت السماوات! طوبى للحزانى فإنهم يُعَزَّون! طوبى للودعاء فإنهم يرثون الأرض! طوبى للجياع والعطاش إلى الِبرْ فإنهم يُشبَعُون! طوبى للرحماء فإنهم يرحمون! طوبى لأنقياء القلب فإنهم يُعايِنُون الله! طوبى لصانعي السلام فإنهم أبناء الله!,,

نسمع هذه التطويبات وغيرها فنقول: هذه كلمات جميلة للغاية! لكننا لا نقدر أن نحيا بها, أنها للسماء لا لهذه الأرض!نضع إيماننا فيه لكي نُنْقَذ من الشر والخطية اللذين يمنعاننا عن الحياة حسب قانون الحياة. إنه من المستحيل لنا أن نبدأ بالعيش حسب قوانين هذه العظة إن لم نبدأ بالتوبة والإيمان بِمَنْ ألقى هذه العظة. وإذا قمنا بذلك. إذا نلنا الغفران من السيد المسيح نكون قد مُنِحْنا القوة التي تساعدنا على البدء بترتيب حياتنا حسب تعاليم العظة على الجبل. والمسيح وحده قادر بأن يمنحنا هذا لأنه قام بالتفكير عن جميع خطايانا بموته البدلي والنيابي على صليب أكمة الجمجمة.

العظة على الجبل ليست كما يظن البعض من الناس عبارة عن تعاليم يمكن فصلها عن عمل يسوع الفدائي الذي تَمَّ على الصليب. العظة على الجبل ليست للاستعمال بمفردها وبمعزل عن سائر تعاليم الكلمة الإلهية. هذه العظة هي دستور ملكوت الله. والواعظ الذي ألقاها في البلاد المقدسة منذ نحو ألفي سنة لم يكن الا الرب يسوع المسيح سيد هذا الملكوت السماوي. وهو كان أكثر علماً من سائر الناس بحالة الإنسان التعيسة التي لا تساعده مطلقاً بأن يبدأ بالعيش حسب مادة واحدة من مواد دستور الملكوت. ولذلك فإن هذه الكلمات لا تأتي بالمفعول المُنْتَظَر منها الا في حياة الذين يعترفون من قرارة قلوبهم بأنهم عاجزون عن القيام بِمُتَطلباتها وإنهم حسب طبيعتهم البشرية الموروثة عن آدم يسيرون بطريقة معاكسة تماماً لمبادىء الملكوت .

هذه العظة إذن هي دعوة صريحة من رب الملكوت لسائر الذين يسمعونها بأن يكونوا أكثر من سامعي كلمة الله. هذه العظة وسائر العظات التي هي مبنية على الوحي الإلهي هي عبارة عن دعوة صريحة للاختيار, الاختيار بين الخطية والخلاص, بين النعيم والجحيم, بين النور والظلمة بين النصر النهائي أو الفشل النهائي. ونحن لا نقدر أن نحصل على أمرين في وقت واحد: إننا لا نقدر أن نستمر في خدمتنا لهذا العالم وفي عبادتنا لله تعالى. إنه من المستحيل لنا أن نكون من مُحبذي مبادىء العظة على الجبل ومن الذين يكسرون تعاليمها في الحياة اليومية. إن رب الملكوت لا يرضى أقل من رجوع تام إليه واستسلام مُطْلق لإرادته والعمل التام لامتداد ملكوته. ولذلك نرى أن الناس يندهشون عندما يسمعون عظة الرب يسوع هذه. فهذه مناداة صريحة تتطلب تغييراً شاملاً في الحياة ? إصلاحاً جذرياً في قلوبنا وفي عالمنا!

يُخبرنا البشير متى أن الجموع دُهِشَتْ من تعليم يسوع المسيح لأنه كان يُعَلِمهم كَمَنْ له سلطان لا مثل كتبتهم, وقد يُخَيَّل للقارىء السطحي أن جهود السيد المسيح لم تتكلل بالنجاح بعد إلقاء تلك العظة لأن الناس لم يرحبوا بالواعظ الناصري لمدة طويلة بل طلبوا في مدة لا تزيد عن ثلاث سنين صلبه ونالوا مرامهم. لكن الحقيقة هي عكس ذلك. نعم إن حياة المسيح على الأرض انتهت بصلبه. لكن ما أعظم دهشة الجموع عندما سمعوا عن قيامته من الأموات في يوم الأحد المجيد! إنه له المجد ذهب بكل اختيار إلى الخشبة التي نُصِبَت على تلك الأكمة في ضواحي القدس لأنه أراد أن يفتح للناس الطريق الوحيد التي تُمَكِنَهم من العيش حسب مبادىء عظته على الجبل.

وها أن السيد المسيح الجالس على العرش عن يمين الله الآب ها إنه مُشْرِف الآن وإلى نهاية التاريخ على أمر ملكوته وامتداده على أرضنا هذه. وملايين من الناس ذاقوا واختبروا خلاصه العظيم عندما آمنوا به كسيد ومخلص! ولم يكتفوا بنيل الخلاص والحرية الروحية بل إنهم نالوا روح الله القدوس الذي ساعدهم على الحياة حسب قوانين عظة المسيح على الجبل.

إننا قد سمعنا كلمة الرب مراراً وتكراراً وهذا أمر حسن وعلينا أن نشكر الله على ذلك لأن ذلك لم يكن مُمْكِناً حتى منذ سنوات قليلة ماضية. الشكر والمجد لله وحده لأنه يعطينا القوة للقيام بهذه الخدمة الروحية ونحن بذلك نرى محبته لنا ورغبته في أن تُستعمل المخترعات الحديثة كَقِوى للخير وليس فقط كما يستعملها بني البشر لمنفعتهم الخاصة. ولكن مُجَرَّد الاستماع لكلمة الله غير كاف! علينا أن نكون أكثر من مُستَمِعين! علينا أن نكون راغبين في التطبيق والعمل والجهاد وكل ذلك حسب تعليمات الكلمة الإلهية. لنصغي إذن من جديد إلى كلمات الرب يسوع المسيح ولنطلب من الروح القدس أن يُعطينا القوة لنعمل حسب أوامر السيد المسيح لنكون من الناجحين!

فكل من يسمع أقوالي هذه ويعمل بها يُشَبَّه برجل حكيم بنى بيته على الصخر فنزل المطر وجاءت السيول وهبت الرياح واندفعت على ذلك البيت فلم يسقط لأنه كان مؤسساً على الصخر. وكل من يسمع أقوالي هذه ولا يعمل بها يُشَبَّه برجل بنى بيته على الرمل فنزل المطر وجاءت السيول وهبت الرياح وصدمت ذلك البيت فسقط وكان سقوطه عظيماً!,,

  • عدد الزيارات: 6643