الفصل التاسع: الكتاب المقدس العربي
الكتاب في الجاهلية
ليس بالأمر اليسير التحقق من وجود ترجمة للكتاب المقدس في عصر ما قبل الإسلام، ويبقى هذا موضوعا شائكا يقودنا البحث فيه إلى جملة من التساؤلات، منها:
أ - إذا كان العصر الجاهلي قد عرف ترجمة عربية للكتاب المقدس، متى تمت الترجمة وما هو الخط المستخدم فيها؟ فالخط الذي نكتب به اليوم لم يكن قد تطور إلا في القرن السادس أو السابع للميلاد، حيث بزغت اللغة العربية بنهوض عدد كبير من الأدباء والشعراء.
ب - إذا كان الكتاب قد ترجم إلى العربية لماذا لا نرى ما يشير صراحة إلى وجوده في المصادر المسيحية والإسلامية؟
من البحاث الذين قالوا بوجود الترجمة العربية للكتاب المقدس في الجاهلية: الأب لويس شيخو، أنطون باومشتارك Baumstark، وألفريد جليوم Guillaume، وألفريد فوبس Voobus، والدكتور عرفان شهيد. [277] وقد قال سبرنجر Sprenger بوجود أجزاء فقط من كتب الأبو كريفا بين أيدي العرب. لكن آراء كل من ويليم رودولف Rudolph ويشوع بلاو Blau خالفتهم. فقال رودولف: "لا يوجد أي دليل على وجود أية كتب مقدسة لليهود أو المسيحيين باللغة العربية قبل الإسلام، بل إنه كان هناك ما يتداول شفاهة فقط"،[278] بينما افترض جورج غراف Graf وجود الترجمة في الجاهلية مع انعدام الدليل الملموس عليها.
يؤكد المفكر القبطي أبو الفرج الأسعد ابن العسال في مقدمة ترجمته للأناجيل التي وضعها سنة 1252 عدم عثوره على الدليل المنشود، فيقول: "وأقمت مدة طويلة أطلب نسخة عربية يكون تاريخها من قبل الهجرة لتكون منقولة مما بشر به الحواريون العرب عربيا، فلم أجد". [279] لكن من ناحية أخرى، عدم العثور على دليل الترجمة العربية لا ينفي مطلقا وجودها، وتبقى إلى حين ظهور هذا الدليل ضمن الفرضيات المحتملة. وإننا نستبعد، على أساس إشارات ومعطيات تاريخية وإيمانية، أن أشراف العرب من مناذرة الحيرة وغساسنة الشام وتغالبة الجزيرة، الذين اعتزوا وافتخروا بعروبتهم، وأنجبت بطونهم عظماء الشعراء، والذين بنو الأديرة والبيع والصوامع والأضرحة ونقشوا فيها خطهم، نستبعد أنهم كانوا يقرأون الكتاب كل يوم في كنائسهم، كما تملي عليهم الطقوس الدينية المتعارف عليها في كنائس الشرق، بلغة غير لغتهم الأم.
يستعرض الدكتور جواد علي احتمالات عدة على وجود الترجمة العربية قبل الإسلام، منها:
أ - "يظهر من بعض روايات الأخباريين أن بعض أهل الجاهلية كانوا قد اطلعوا على التوراة والإنجيل، وأنهم وقفوا
-------------------------------
277 - المسيحية العربية، تاريخها وتراثها، الأب الدكتور ميشال نجم، ص 123 ، وأيضا الأب سمير خليل اليسوعي، التراث العربي المسيحي القديم، المعهد الاكليريكي اللاتيني الاورشليمي، الفصل الأول
278 - الكتاب المقدس في التاريخ العربي المعاصر، الدكتور القس ثروت قادس ص 29
279 - الأب سمير خليل، مدخل إلى التراث العربي المسيحي
على ترجمات عربية للكتابين... فذكروا مثلاً أن "ورقة بن نوفل" كان يكتب الكتاب العبراني ... وذكروا مثل ذلك عن "أمية بن أبي الصلت"، فقالوا إنه كان قد قراً الكتب المقدسة، وقالوا مثل ذلك عن عدد مهن الأحناف. وإذا كانت هذه الروايات صحيحة، فإنها تدل على أن الجاهليين كانوا قد وقفوا على ترجمة العهدين".
ب - "لا يُستبعَد وجود ترجمات للكتاب المقدس في الحيرة، لما عرف عنها من تقدم في الثقافة وفي التعليم، ولوجود النصارى المتعلمين فيها بكثرة... فلا غرابة إذا ما قام هؤلاء بتفسير الأناجيل وشرحها للناس للوقوف عليها. وقد لا يستبعد تدوينهم لتفاسيرها أو لترجمتها... وقد لا يستبعد أيضاً توزيع بعضهم هذه الترجمات والتفاسير إلى مواضع أخرى لقراءتها على الوثنيين وعلى النصارى للتبشير". [280]
بغض النظر عن وجود السند الصحيح لهذه الروايات من عدمه، لنا في الكتب التي عرفها النصارى والحنفاء قبل الإسلام رأياً مخالفاً، وقد سقنا في الباب الثاني ما ينفي احتمالية حوزة عرب مكة على الكتاب المقدس بعهديه، حتى في حالة ثبات وجود الترجمة العربية في العراق وبلاد الشام.
لكن ما يلفت الانتباه قولا للمسيح اقتبسه ابن اسحق في السيرة النبوية قد يستدل منه على وجود إنجيل يوحنا باللغة العربية زمن محمد أو ما قبله. ونص الكلام: "... من أبغضني فقد أبغض الرب، ولولا أني صنعت بحضرتهم صنائع لم يصنعها أحد قبلي، ما كانت لهم خطيئة ولكن من الآن بطروا وظنوا أنهم يعزونني، وأيضا للرب ولكن لا بد من أن تتم الكلمة التي في الناموس أنهم أبغضوني مجانا، أي باطلا. فلو قد جاء المنحمنا هذا الذي يرسله الله إليكم من عند الرب وروح القدس هذا الذي من عند الرب خرج فهو شهيد علي وأنتم أيضا; لأنكم قديما كنتم معي في هذا، قلت لكم لكيما لا تشكوا".[281]
أخذت أقوال المسيح من الفصل الخامس عشر من إنجيل يوحنا، وهي شبه حرفية وتتضمن "منحمنا" السريانية التي استخدمت في الترجمة السريانية الفلسطينية. لكن هذا الاقتباس يبقى غير كافي لتقديم برهان قطعي على وجود الكتاب أو أجزاء منه باللغة العربية قبل الإسلام.
الترجمات من القرن الثامن وحتى يومنا
أختصرها في هذا الجدول: [282]
1 - ترجمة الكتاب المقدس عن اللاتينية ليوحنا أسقف إشبيلية في الأندلس، وهي من القرن الثامن.
2 - ترجمة عربية للأناجيل الآرامية ورسائل الرسول بولس عثر عليها في دير مار سابا بالقرب من أورد يرجع تاريخها إلى منتصف القرن الثامن.
3 - نسخة عربية لرسائل بولس الرسول عثر عليها في دير سانت كاترين بسيناء ترجع إلى القرن الثامن.
4 - ترجمة حنين بن إسحاق من القرن التاسع عن السبعينية والسريانية. بقي منها قسم من التوراة في مخطوط جاء من دير الزعفران قرب ماردين. ذكر المسعودي السبعينية. فقال: "وقد ترجم هذه النسخة إلى العربي عدة ممن تقدم
--------------------------------
280 - المفصل في تاريخ العرب، دكتور جواد علي، فصل 82
281- السيرة النبوية، ابن هشام، الجزء الأول، صفة رسول الله
282 - المراجع لهذا الجزء: 1 - المحيط الجامع، الدكتور الأب بولس فغالي 2- الكتاب المقدس في التاريخ العربي المعاصر، الدكتور القس ثروت قادس 3 - وحي الكتاب المقدس، يوسف رياض 4 - تاريخ الآداب العربية، الأب لويس شيخو 5 - دائرة المعرف الكتابية 6 - "Die arabische Bibelübersetzung", Paul Kahle, Leipzig 1904
وتأخر، منهم حنين بن اسحاق، وهي أصح نسخ التوراة عند كثير من الناس".[283]
5 - ترجمة العهد الجديد، وُجدت في جبل سيناء وتعود إلى السنة 867.
6 - ترجمة سعدية الفيومي، قام بها سعدية هاغاوون (891-941). من الأكيد أنه ترجم البنتاتوكس وإشعياء، وشبه الأكيد أنه ترجم أيوب والأنبياء الصغار والمزامير.
7 - ترجمة الأناجيل لإسحاق فلاسكيز في القرن العاشر عن نص من اللاتينية العتيقة. وُجدت نسخة من هذه الترجمة في مكتبة ميونيخ.
8 - عبد الله بن الفضل الأنطاكي ترجم المزامير عن اليونانية في القرن الحادي عشر، وقد طبعت الترجمة في حلب في سنة 1706 م، فعرفت بالترجمة الحلبية.
9 - العهد الجديد بالترجمتين العربية والقبطية في مخطوطة واحدة عرفت باسم "الفولجاتا الإسكندرانية"، وهي من أوائل القرن الثالث عشر.
10 - جمع هبة الله ابن العسّال في منصف القرن الثالث عشر ترجمات عربية عادت إلى القبطية واليونانية والسريانية، تم هذا العمل سنة 1252.
11 - طبع العهد الجديد كاملا بالعربية في هولندا نقلا عن مخطوطة بمكتبة ليدن، يقال إنها ترجع إلى 1342م.
12 - المزامير في خمس لغات، منها العربية، وقد طبعت في جنوب إيطاليا في 1516 م.
13 - ترجمة الأناجيل سنة 1590-1591. جبرائيل الصهيوني ونصر الله شلق.
14 - طبعت أول نسخة للبشائر الأربع في روما في 1591م، منقولة عن الفولجاتا الإسكندرانية.
15 - الترجمة المتعددة اللغات باريس 1628. عمل فيها يوحنا الحصروني، إبراهيم الحاقلاني، نصر الله شلق، جبرائيل الصهيوني. ومعهم بعض الفرنسيّين.
16 - الكتاب المقدس كاملا يطبع بالعربية سنة 1671 في روما تحت إشراف الأسقف سركيس بن موسى الرزي مطران دمشق للموارنة.
17 - العهد الجديد سنة 1703، صدر في روما باللغتين السريانية والعربية.
18 - صدرت طبعة للمزامير سنة 1725م، وتنسب إلى اثناسيوس بطريرك إنطاكية الملكي.
19 - طبع العهد الجديد مع الوصايا العشر من سفر الخروج سنة 1727 بالعربية في لندن.
--------------------------------
283 - التراث العربي المسيحي القديم، الفصل 14
مع دخول الإرساليات الغربية إلى الشرق وقيام النهضة الأدبية في نهايات القرن الثامن عشر، هب المسيحيون العرب إلى نشر الرسالة المسيحية كلٍ بطريقته وضمن الدعوة الإلهية والوكالة المسندة إليه. فبادروا بإنشاء كليات لاهوتية بهدف بناء المؤمنين وترسيخ العقيدة في النفوس وتأهيل خدام للكلمة ورعاة للشعب. وكان من عصارة النهضة الأدبية ظهور ترجمات عديدة للكتاب المقدس امتازت بالجودة والدقة والبلاغة.
20 - الكتاب المقدس، ترجمة كاملة صدرت عن جمعية الكتاب المقدس الإنجليزية في ما بين 1816 و 1822.
21 - في سنة 1851 طبعت جمعية نشر المعارف المسيحية في لندن تحت إشراف وليم وطسن العهد الجديد عن ترجمة فارس الشدياق، ثم طبعت العهدين معا في 1857م.
22 - ترجمة الكتاب المقدس، وتسمّى "البروتستانتية". شارك فيها الدكتور عالي سميث، والدكتور كرنيليوس فان دايك، والمعلم بطرس البستاني، والشيخ ناصيف اليازجي، والشيخ يوسف الأسير الأزهري. وهي الأكثر انتشارا من بين الترجمات على مر العصور.
قال الأب لويس شيخو في هذه الترجمة: "وقد عرفت الرسالة الأمريكية في هذا العهد بنشاط عظيم اشتهر بينها الدكتور عالي سميث والدكتور طمسن والدكتور فان دايك فانكبوا على درس اللغة العربية حتى أتقنوها. وكان من أثمار اجتهادهم ترجمة الكتاب المقدس. باشر فيها سنة 1849 الدكتور سميث بمعاونة المعلم بطرس البستاني فعرب قسماً من كتب موسى ثم توفي سنة 1857 فقام بتعريبها من بعده الدكتور فان دايك ولم يزل يفرغ في إنجاز العمل كنانة جهده حتى انتهى منه سنة 1864 بمساعدة الشيخ ناصيف اليازجي ثم طبع الكتاب سنة 1867. ولم تثبت فيه الأسفار المعروفة بالقانونية الثانوية. وصار لهذه الترجمة رواج كبير حتى أتت من بعدها ترجمة الآباء اليسوعيين بمساعدة المرحوم إبراهيم اليازجي فكانت أضبط نقلاً وأشمل موضوعاً وأبلغ لساناً وأجود طبعاً فصارت تعتبر كالترجمة الرسمية لجميع الكاثوليك الناطقين بالضاد".[284]
23 - الكتاب المقدس بعهديه، الترجمة اليسوعية. شارك فيها جوزف روز، جوزف فان هام، أغوسطين روده، فيليب كوش، والشيخ ابراهيم اليازجي، يوسف البستاني، الأديب جرجس زوين. وصفها يوسف رياض بالقول: "وهى ترجمة جميلة ودقيقة عدا استثناءات معدودة. تتميز عن غيرها بحلاوة الأسلوب وفصاحة اللفظ، لكن على حساب عدم التقيد بحرفية النص الأصلي في بعض الأحيان".[285] وقالت عنها دائرة المعارف الكتابية: "فجاءت ترجمتهم فصيحة اللغة وإن كانت لا تبلغ في الدقة والمحافظة على روح الكاتب ما بلغته الترجمة الأمريكية. وقد صدرت في 1986 م نسخة منقحة منها لأسفار موسى الخمسة وللمزامير وللأناجيل الأربعة وأعمال الرسل".
24 - العهد الجديد، الترجمة البولسية، جونيه 1953. نقله وعلّق عليه الأب جورج فاخوري. وفيه قال الدكتور القس غسان خلف: "سيبقى في دائرة الذكرى من خلال ترجمته الحيّة للعهد الجديد. فإنّ مأثرته هذه جديرة بأن تجلسه إلى جانب أفذاذ أمثال الشيخ ناصيف اليازجي وابنه إبراهيم والمرسلين عالي سميث وكرنيليوس فانديك والمعلـّم بطرس البستاني والشيخ يوسف الأسير الأزهري والأب جعجع والمعلم رشيد الشرتوني الذين عملوا على نقل أسفار الكتاب المقدس إلى اللغة العربية". [286]
25 - العهد الجديد. قام بترجمته عن الأصل اليوناني الأبوان صبحي حموي ويوسف قوشاقجي، وهذب العبارة الأستاذ بطرس البستاني. وطبع في المطبعة الكاثوليكيّة، بيروت، 1969.
----------------------------
284 - تاريخ الآداب العربية، الأب لويس شيخو، ج 1 فصل 5
285 - وحي الكتاب المقدس، يوسف رياض الفصل 6
286 – جريدة النهار 5/11/1977
26 - الأناجيل، متى ومرقس، 1972 – 1975، ترجمة الأنبا غريوريوس أسقف التعليم والبحث العلمي بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
27 - الكتاب المقدس، كتاب الحياة، ترجمة تفسيريّة. صدر العهد الجديد سنة 1982، والنسخة كاملة سنة 1988.
لاقت هذه الترجمة انتقادات من علماء مسيحيين عرب. فقالوا، أنها تضعف من قوة الرسالة الإنجيلية. بينما رأى البعض أنها ضرورية، وأن الترجمات جزء لا يتجزأ من استمرارية النهضة شرط عدم الإخلال بالمعنى اللاهوتي والفيولوجي (علم اللغة المقارن).
28 - العهد الجديد، كليّة اللاهوت الحبرية، جامعة الروح القدس، الكسليك، لبنان. 1987 – 1992.
29 - في 1980 م أصدر اتحاد جمعيات الكتاب المقدس ببيروت ترجمة جديدة للعهد الجديد معنونة ومذيلة بجدول للشروح.
30 - الترجمة المشتركة للكتاب المقدس كاملا. صدرت ما بين 1979 و 1993 عن اتحاد جمعيات الكتاب المقدس. وهي ترجمة عربية وضعتها لجنة مؤلفة من علماء كتابيين ولاهوتيين ينتمون إلى مختلف الكنائس المسيحية، الكاثوليكية و الأرثوذكسية و الإنجيلية.
31 - الترجمات الشعرية والسجعية. ومنها ترجمة الأسقف الأندلسي الحفص بن البر القوطي في القرن العاشر. منها المزامير، وهي جوهرة من جواهر الأدب المسيحي العربي. وفي القرن التاسع ترجم ابن داود يشوع وغيره الأناجيل المقدسة سجعاً، ثم في القرن الثالث عشر وضع عبد يشوع الصوباوي، مطران نصيبين ترجمته الشهيرة بقافية واحدة، وهنا مقطعا من إنجيل متى الفصل العاشر:
"وقال المخلص لتلاميذه والرفاق: لا تظنوا أني أتيت لأوقع في الأرض الصلح والوفاق. لم آت لأوقع السلام، بل الحرب والشقاق. فإني أتيت لأجعل الرجل المؤمن يخالف على أبيه ذي النفاق. وأباعد بين الابنة المؤمنة وأمها الكافرة، والكنة وحماتها بالفراق. وأعداء الرجل آل بيته الفساق. فمن أحب أبا وأما أفضل مني، فليس هو أي بأهل الإعتلاق. ومن أحب ابنا أو ابنة أكثر مني، فما هو لي من أهل الميثاق. ومن لا يحتمل صليبه ويتبعني، فما هو أي من أهل الميثاق. من وجد نفسه، فقد أهلكها، وعرضها للانمحاق، ومن أهلك نفسه، فسوف يجدها بجوار الخلاق... وكل من سقى أحد هؤلاء الأصاغر شربة ماء بارد، عذب المذاق. باسم تلميذ ذي استشراق، الحق أقول لكم: أنه لا يضيع أجره الذي فاق. من شاء أن يتبعني، فليكفر بنفسه، ويولي الدنيا الطلاق، وليأخذ صليبه، وليكن من اقتفاء اثري على لحاق". [287]
*****
خلاصة:
إن الدور البارز الذي لعبه المسيحيون في نهضة المشرق العربي، وعملهم الدؤوب من أجل نموه وتقدمه في كل المجالات قد دمغا التاريخ العربي بطابع لا ينتهي ولا يموت، ولن يحول ذلك الطابع عن وجه العروبة مهما بذل علماء التاريخ من جهد إلى طمس معالمه.
---------------------------------
287 – "اناجيل عبد يشوع الصوباوي المسجعة" تحقيق ودراسة سامي الخوري، راجع أيضا الأب سمير خليل اليسوعي، عن: التراث العربي المسيحي، الفصل الخامس
ولكون هذا الدور يرجع إلى عصر ما قبل الإسلام، وهو العصر الموصوف بـ "الجاهلية"، والذي ربطه الكثيرون ظلما بالجهل والوثنية والكفر، فشاع وتعمم الوصف ليشمل جميع أبناء ذاك العصر بلا استثناء، فإن من الإنصاف استبعاد المسيحيين في التاريخ العربي من هذا التعميم.
لقد ترك لنا أجدادنا تراثا أدبيا وعلميا ودينيا هو غاية في الغنى، فكان لنا مدعاة للاعتزاز والفخر. لكن لا يغرب عنا، بأن روح العطاء للعالم يجب أن يستمر في كل العصور وعلى مر الأجيال، وأن الله يبحث اليوم، كما بحث في الماضي، عمن يحملون نور الإنجيل ليبعثوا في العالم إشعاع العلم والهداية والإيمان.
- عدد الزيارات: 6548