الدرس الأول: الخروف الضاّل
(الإنجيل بحسب البشير متى12:18-14؛ لوقا1:15-7)
أنها واحدة من قصص الأيمان المسيحي المحببة جدا - قصة الخروف الضائع. فهي تتحدث عن راعٍ كان عنده مائة خروف. وفي أحد الأيام تاه أحد الخراف وضل الطريق. فماذا على الراعي أن يفعل؟ هل يكون راضيا لأنه بقي لديه تسعة وتسعون؟ لا، لقد ترك التسعة والتسعين وبحث بلا كلل حتى وجد الواحد الضائع. وبعد ذلك وضعه على كتفيه ورجع به إلى البيت سعيدا ومنتصراً. وحال وصوله دعا أصدقاءه وجيرانه وقال "افرحوا معي لأنني وجدت خروفي الضائع."
عندما روى يسوع هذه القصة كان يفكّر بطبقتين من الناس. كان هناك جباة الضرائب والخطاة _ أناس يُعرفون بضياعهم. وكان أيضاً الفريسيون (اكثر الفئات تعصبا بين اليهود) والكتبة (كاتبو ومفسرو الشريعة اليهودية) الذين لا يقرون أبدا كونهم خطاة. الخراف التسعة والتسعون يصورون الفريسيين والكتبة. ولقد استعمل الرب يسوع هذه القصة ليعلمنا انه يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب اكثر من تسعة وتسعين باراً لا يحتاجون إلى التوبة.
يمكننا تطبيق القصة على أنفسنا. نحن كالخروف التائه بعيداً. كان هذا الخروف أحمق وبليد. لقد كان ضائعاً، لا يستطيع مساعدة نفسه، في خطر، ولم يكن باستطاعته إيجاد طريق الرجعة. كان النبي أشعياء صائباً عندما قال: " كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلى طريقه" (أشعياء 6:53). ويذكرنا الرسول بطرس أيضاً إننا كغنم سائرين في ضلال طريقنا (بطرس الأولى 25:2). وطبعا فان يسوع هو الراعي. انه الراعي الصالح (يوحنا 11:10)، الراعي العظيم (عبرانيين20:13) ورئيس الرعاة (بطرس الأولى 4:5). فلنلاحظ عن كثب المقارنة بين يسوع والراعي الذي ذهب ليبحث عن الخروف.
المحبة أكثر من مجرّد أغنية
أول كل شيء، يسوع يحبنا، قبل أن نعرفه بكثير، لقد أحبنا قبل تأسيس العالم، لقد أحبنا كما لم يحبنا أحد قط.
محبته جعلته يترك بيته في السماء. لم يكن ملزما بالمجيء إلى العالم. كان يقيم في سعادة كاملة مع الله الآب. لم يدخل السماء أي شيء ليعكره صفوه. لم يكن هناك ما يحتاجه ليزيد سلامه وراحته كمالاً. ولكن لمعرفته بوجود خراف ضالة مثلنا، ترك السماء.
محبته دفعته لان ينزل إلى أدغال الخطيئة هذه. لا يمكننا إدراك هذا التنازل العظيم الذي تنازله ابن الله بان يأتي إلى أرضنا ليولد كطفل في مذود حقير للبقر في بيت لحم. لا يمكننا استيعاب ما يعنيه العمل للذي هو كلي القداسة أن يسكن في عالم الخطيئة والشقاء والبؤس. لا يمكننا أن ندرك ما كلفه وهو كلي الغنى أن يصبح فقيراً تماما!
إذا كما خرج الراعي في القصة ليبحث عن الخراف الضائعة. قال هو مكرراً، "إن ابن الإنسان قد جاء ليطلب ويخلص ما قد هلك". لقد رفضه الناس ، ولكنه بقي يطلب. لقد اضطهده القادة الدينيون ، ولكنه بقي يبحث. حتى أصدقاؤه تركوه، ولكنه بقي يطلب. لم يقبل الإحباط. لم يتراجع. لم ييأس. لقد صمم على إيجاد الخراف.
حب الراعي قاده لان يبذل حياته لأجل رعيته، وكما قال، "أنا هو الراعي الصالح؛ والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يوحنا 11:10). كان هذا أمراً غير عادي أبداً. عادة يجب أن تموت الرعية لأجل الراعي، وذلك ببيعها للذبح من اجل اللحم لكي يحصل هو على المال. ولكن الراعي الصالح مات من اجل الرعية. على صليب الجلجثة، مات الرب يسوع ليخلصنا من خطايانا. مات ليدفع العقاب الذي تستحقه خطايانا. مات لكي يقربنا إلى الله. لا يمكن لأي منا أن يعرف كم كلفه البحث عن الخراف الضالة.
كيف نحصل على الغفران
والآن يرسل الراعي أخباره السارة لكل العالم. إذا كان هناك أي مذنب، ضال خاطئ يريد التوبة عن خطاياه وقبول يسوع المسيح رب له ومخلص، هذا الشخص سيخلص. تغفر خطاياه. وسيحصل على الحياة الأبدية كعطية مجانية (رومية 23:6). هكذا يجدنا المخلص - عندما نصرخ إليه "يا رب خلصني!"
نرى الراعي يضع خروفه الذي نجاه على كتفيه. الكتفان في الكتاب المقدس يعبران عن القوة. وما أروعها من صورة! وهذه تذكرنا أن راعينا ليس فقط قادراً أن ينجينا بل أيضاً يقدر أن يحفظنا. قال المسيح، "خرافي تسمع صوتي، وأنا اعرفها، فتتبعني؛ وأعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد ولا يخطفها أحد من يدي. أبي الذي أعطاني إياها هو اعظم من الكل ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبي. (يوحنا 27:10-29).
سوف لا يتوقف الراعي إلى أن يأتي بالخروف الضال إلى بيته بسلام. وراعينا سوف لا يتوقف حتى يكون قد أتى بكل رعيته بسلام إلى السماء. في كل مره يأتي أحد أحبائه بسلام إلى الطرف الآخر، يكون ذلك سبب فرح عظيم لقلبه!
لقد كتب داود قبل سنوات مضت بكلمات رائعة مديحه للراعي الصالح. وهو معروف لدينا بالمزمور الثالث والعشرين حيث يقول فيه:
الرب راعي؛ فلا يعوزني شيء.
في مراع خضر يُربضني؛ إلى مياه الراحة يوردني.
يردُ نفسي؛ يهديني إلى سبل البر من اجل أسمه.
أيضاً إذا سرت في واد ظل الموت، لا أخاف شراً: لأنك أنت معي؛
عصاك وعكازك هما يعزيانني. ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقي؛
مسحت بالدهن رأسي؛ كاسي ريا. إنما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي؛
واسكن في بيت الرب إلى مدى الأيام
1- سر الحياة السعيدة ـ " الرب راعي أنا." كثيرون هم الذين يقولون: "الرب أحد الرعاة." وآخرون يقولون: "الرب الراعي." ولكن هذا لا يكفي. يجب أن يكون باستطاعتنا القول من القلب، "الرب راعي أنا."
2- سر الموت السعيد ـ "إذا سرت في وادي ظل الموت، لا أخاف شراً لأنك أنت معي. "عندما لا يعترف الإنسان بخطاياه ولا تغفر له تلك الخطايا، فسيخاف أن يموت. ولكن المؤمن لا يخاف الوقوف أمام الله، لأنه يعرف بان خطاياه قد غفرت. وهو لا يخاف الموت لأنه يعرف بان الرب يسوع سيكون معه ويسير معه بأمان في وادي ظل الموت.
3- سر الأبدية السعيدة ـ "إنما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي: واسكن في بيت الرب إلى مدى الأيام." المستقبل الأمين مضمون لمن هو ابناً لله. المتأكد أن له بيت في السماء. لقد وعد الراعي بذلك، ولن يرجع عن وعده.
- عدد الزيارات: 24764