الدرس السادس: موسى - كليم الله
كان موسى من اعظم قواد العالم. فقد قاد أكثر من مليون نسمة في سفره عبر صحراء سيناء الجرداء مدة أربعين سنة. وقيادة أي قائد لجماهير ضخمة بهذا المقدار عبر الصحراء تعتبر في هذه الأيام حماقة. ومع ذلك فقد أنجز موسى هذا العمل الذي ظهر مستحيلا. فدعونا الآن نتأمل في حياة هذا القائد العظيم.
ولد موسى في مصر وكان والداه من شعب الله المستعبدين لفرعون ملك مصر العظيم الذي أصدر أمرا ملكيا يقضي بأن يقتل كل ذكر يولد لأولئك المستعبدين عند ولادته. فلما ولد موسى خافت أمه عليه أن يقتل فخبأته في بيتها ثلاثة اشهر. ولما لم يمكنها أن تخبئه بعد، أخذت له سفطا من البردي وطلته بالزفت ووضعت موسى فيه وخبأته بين الحلفاء وتركته يطفو على الماء.
وحدث بعد قليل أن ابنة فرعون ذهبت إلى النهر لتغتسل فرأت السفط بين الحلفاء وأخذته وفتحته فوجدت فيه الطفل موسى يبكي. فرقت له ورتبت له مرضعة تعتني به حتى يكبر فتعيده أليها في قصرها.
ولما كبر موسى تهذب بكل علوم المصريين وكان شابا ذكيا. ومع انه لم يكن مصريا. وبينما كان يتنزه ذات يوم رأى رجلا مصريا يضرب عبدا من اخوته فلم يرق له ذلك لأنه هو أيضا كان من شعب الله. "فالتفت إلى هنا وهناك ورأى أن ليس أحد فقتل المصري وطمره في الرمل" (خروج 12:2). سمع فرعون هذا الخبر فطلب أن يقتل موسى. فهرب موسى من وجه فرعون إلى البرية وسكن هناك مدة أربعين سنة.
وذات يوم بينما كان موسى يرعى الغنم في البرية رأى عليقة تتوقد بنار وكانت تلك النار غريبة تختلف عن سائر النيران فإن العليقة كانت تشتعل ولكنها لم تحترق. وعندما مال موسى لينظر العليقة عن كثب ناداه صوت وقال: "موسى موسى". فقال موسى: "هاأنذا".
وكلم الله موسى من وسط العليقة وقال: "لا تقترب إلى ههنا، إخلع حذاءك من رجليك. لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة". (خروج 5:3). وقال الله لموسى أنه سمع صراخ شعبه المستعبدين في مصر وأنه سينقذهم. وقال أيضا لموسى: "فالآن هلم فأرسلك إلى فرعون وتخرج شعبي... من مصر" (خروج 10:3).
فقال موسى لله: "من أنا حتى أذهب إلى فرعون وحتى أخرج شعب الله من مصر؟" (خروج 11:3).
فأجاب الله: "إني أكون معك" (خروج 12:3).
أطاع موسى أمر الله وذهب إلى فرعون وطلب منه إطلاق شعب الله المستعبدين له. فضحك فرعون من هذا الكلام وقال لموسى أنه لا يمكن لشعب الله مغادرة مصر.
حينئذ أوقع الله عشر ضربات على المصريين لأن فرعون أبى أن يطلق الشعب المستعبد. فتحولت جميع المياه في مصر إلى دم. ثم أجتاح أرض مصر ملايين الضفادع والبعوض والذباب والجراد، وأُصيبت مواشي المصريين بوباء فتاك والناس بدمامل خبيثة وعم الظلام مصر وأمطرتها السماء برداً مهلكا. جميع هذه الضربات أوقعها الله على مصر لأن فرعون أبى إطلاق شعب الله المستعبدين له.
وذهب موسى مرة أخرى إلى فرعون وقال له "سيوقع الله عليك وعلى شعبك ضربة أُخرى شديدة لأنك عصيت أوامره فإنه نحو نصف الليل يموت كل بكر في أرض مصر".
وأوصى موسى شعب الله أن يضعوا دم حمل على القائمتين والعتبة العليا لأبواب بيوتهم. فإن هم فعلوا هذا فإنهم ينجون من الهلاك. عبر ملاك الرب عن البيوت المرشوشة بالدم فمات كل بكر فيها. قال الله: "فأرى الدم وأعبر عنكم” (خروج 13:12). في تلك الليلة مات أولاد كثيرون في أرض مصر. أما شعب الله فلأنهم وضعوا الدم على أبوابهم فقد نجوا من قضاء الله.
صديقي العزيز إنك خاطئ تحت عقاب الموت "لأن أجرة الخطية هي موت” (رومية 23:6). ولأنك خاطئ ينبغي أن تموت وتنفصل عن الله. ولكن الله الرحوم قد أعد لك طريقا للنجاة من قضائه العادل. فكما عمل المستعبدون في أرض مصر ينبغي أن تعمل أنت أيضا فتضع الدم على قلبك وعلى حياتك كي يتمكن الله من القول: "فأرى الدم وأعبر عنكم" (خروج 13:12).
أرى الدم وأعبر عنكم
(خروج 13:12).
- عدد الزيارات: 7186